مواقف النبي ﷺ في الدعوة إلى الله تعالى
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
مرَّت بها الدعوة (١).
وهكذا مرت ثلاث سنين، والدعوة لم تزل سرية وفردية، وخلال هذه الفترة تكونت جماعة من المؤمنين تقوم على الأخوة، والتعاون، وتبليغ الرسالة، وتمكينها من مقامها.
وبعد أن أسلم عم النبي ﷺ حمزة بن عبد المطلب وبعض وجهاء قريش، الذين لهم شأن عظيم، وقويت بهم الجماعة الإسلامية: كعمر بن الخطاب ﵁ نزل قوله تعالى: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ * الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْمَلُونَ﴾ (٢).
وهذا يدل دلالة واضحة على أن اللَّه ﷿ قد أعطى نبيه الكريم الحكمة؛ ولهذا قام بهذه المواقف الحكيمة المشرفة التي تكون نبراسًا للداعية إلى اللَّه يسير على مقتضاها، وخاصة في دعوة المجتمعات الوثنية الكافرة، أما المجتمعات الإسلامية فلا دليل لمن يرى سرية الدعوة في بلاد المسلمين.
أما سرية الدعوة في عهد النبي ﷺ في أول البعثة؛ فلأن الرسول ﷺ وأصحابه ﵃ كان لا يسمح لهم أن يقولوا: لا إله إلا اللَّه، محمد رسول اللَّه، ولا أن يؤذنوا، أو يصلوا، ولما قويت شوكته أمر اللَّه
_________
(١) انظر: البداية والنهاية، ٣/ ٣١، والتاريخ الإسلامي لمحمود شاكر، ٢/ ٦٢، وهذا الحبيب يا محب، ص٩٧.
(٢) سورة الحجر، الآيات: ٩٤ - ٩٦.
1 / 8