مواقف النبي ﷺ في الدعوة إلى الله تعالى
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
منهزمًا (١)، وهو على بغلته الشهباء، فقال رسول اللَّه ﷺ: «لقد رأى ابن الأكوع فزعًا». فلما غشوا رسول اللَّه ﷺ نزل عن البغلة، ثم قبض قبضة من تراب من الأرض، ثم استقبل به وجوههم، فقال: «شاهت الوجوه» (٢)، فما خلق اللَّه منهم إنسانًا إلا ملأ عينيه ترابًا بتلك القبضة، فولوا مدبرين، فهزمهم اللَّه ﷿، وقسم رسول اللَّه ﷺ غنائمهم بين المسلمين (٣).
وقد قال العلماء: إن ركوب النبي ﷺ البغلة في موضع الحرب وعند اشتداد البأس هو النهاية في الشجاعة والثبات، ولأنه أيضًا يكون معتمدًا يرجع الناس إليه، وتطمئن قلوبهم به وبمكانه، وإنما فعل هذا عمدًا، وإلا فقد كانت له ﷺ أفراس معروفة.
ومما يدل على شجاعته تقدمه ﷺ وهو يركض بغلته إلى جمع المشركين، وقد فر الناس عنه، ونزوله إلى الأرض حين غشوه مبالغة في الشجاعة والصبر، وقيل: فعل ذلك مواساة لمن كان نازلًا على الأرض من المسلمين، وقد أخبر الصحابة ﵃
بشجاعته ﷺ في جميع المواطن (٤).
_________
(١) قال العلماء: قوله: «منهزمًا» حال من ابن الأكوع، وليس النبي ﷺ. انظر: شرح النووي ١٢/ ١٢٢.
(٢) شاهت الوجوه، أي: قبحت. انظر: شرح النووي، ١٢/ ١٢٢.
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين، ٣/ ١٤٠٢، (رقم ١٧٧٧).
(٤) انظر: شرح النووي على مسلم، ١٢/ ١١٤.
1 / 59