مواقف النبي ﷺ في الدعوة إلى الله تعالى
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
آخى بينهم ﷺ في دار أنس بن مالك، وكانوا تسعين رجلًا، نصفهم من المهاجرين، ونصفهم من الأنصار، آخى بينهم على المواساة، يتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام إلى حين وقعة بدر، فلما أنزل اللَّه ﷿: ﴿وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ (١)، ردّ التوارث إلى الرحم دون عقد الأخوة (٢).
ذابت عصبيات الجاهلية، فلا حمية إلا للإسلام، وسقط فوارق النسب واللون والوطن، فلا يتقدم أحد ولا يتأخر إلا بمروءته وتقواه، وكانت عواطف الأخوة، والإيثار؛ والمواساة والمؤانسة تمتزج في هذه الأخوة، وتملأ المجتمع الجديد بأروع الأمثال؛ وفي هذه الأخوة أقوى مظهر من مظاهر عدالة الإسلام الإنسانية والأخلاقية (٣).
ولم تكن هذه المؤاخاة معاهدة دونت على الورق فحسب، ولا كلمات قيلت باللسان فقط؛ وإنما كانت مؤاخاة سجلت على صفحات القلوب، وعملًا يرتبط بالدماء والأموال، لا كلامًا يثرثر به اللسان، إنها مؤاخاة في القول والعمل، والنفس والمتاع والأملاك، في العسر واليسر (٤).
_________
(١) سورة الأنفال: الآية: ٧٥.
(٢) انظر: زاد المعاد، ٣/ ٦٣، والرحيق المختوم، ص١٨٠.
(٣) انظر: زاد المعاد، ٣/ ٦٣، والرحيق المختوم، ص١٨٠.
(٤) انظر: التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر، ٢/ ١٦٥، وفقه السيرة لمحمد الغزالي، ص١٩٢.
1 / 41