مواقف النبي ﷺ في الدعوة إلى الله تعالى
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
العذاب - فأذن رسول اللَّه لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة، فكان أهل هذه الهجرة الأولى اثني عشر رجلًا، وأربع نسوة، ورئيسهم عثمان بن
عفان ﵁، ذهبوا فوفق اللَّه لهم ساعة وصولهم إلى الساحل سفينتين، فحملوهم فيها إلى أرض الحبشة، وكان ذلك في رجب، في السنة الخامسة من البعثة، وخرجت قريش في آثارهم حتى جاءوا البحر فلم يدركوا منهم أحدًا، ثم بلغ هؤلاء المهاجرين أن قريشًا قد كفوا عن النبي ﷺ فرجعوا إلى مكة من الحبشة، وقبل وصولهم مكة بساعة من نهار بلغهم أن الخبر كذب، وأن قريشًا أشد ما كانوا عداوة لرسول اللَّه ﷺ فدخل من دخل مكة بجوار، وكان من الداخلين ابن مسعود، ووجد أن ما بلغهم من إسلام أهل مكة كان باطلًا، فلم يدخل منهم أحد إلا بجوار - كابن مسعود - أو مستخفيًا، ثم اشتد البلاء من قريش على من دخل مكة من المهاجرين وغيرهم، ولقوا منهم أذىً شديدًا، فأذن لهم رسول اللَّه ﷺ في الخروج إلى الحبشة مرة ثانية، وكان عدد من خرج في هذه المرة الثانية ثلاثة وثمانين رجلًا، إن كان فيهم عمار بن ياسر، ومن النساء تسعة عشرة امرأة، فكان المهاجرون في مملكة أصحمة النجاشي آمنين، فلما علمت قريش بذلك أرسلت للنجاشي بهدايا وتحف ليردهم عليهم، فمنع ذلك عليهم، ورد عليهم هداياهم، وبقي المهاجرون في الحبشة آمنين حتى قدموا إلى رسول اللَّه ﷺ عام خيبر (١).
_________
(١) انظر: زاد المعاد لابن القيم، ٣/ ٢٣، ٣٦، ٣٨، والرحيق المختوم، ص٨٩، وهذا الحبيب يا محب، ص١٢٠، وسيرة ابن هشام، ١/ ٣٤٣، والبداية والنهاية، ٣/ ٦٦، والتاريخ الإسلامي لمحمود شاكر، ٢/ ٩٨، ١٠٩، وتاريخ الإسلام للذهبي، قسم السيرة، ص١٨٣.
1 / 24