السنة النبوية وحي - آيت سعيد
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
سيد المجتهدين، وإمام المستنبطين، فكيف يُستثنى من هذه الفضيلة العامة في الجنس البشري، وتمُنح لمن دونه بدون دليل واضح يدل على الاستثناء؟
وثانيهما مراعاة النصوص الدالة على اجتهاده ﷺ بالفعل، وهي في جملتها صريحة وصحيحة، فلا معدل عن القول بها، وتنزيلها منازلها: بالجمع بينها وبين النصوص التي يُفهم منها أنه لا يجتهد، فإذا سُلِك فيها كلِّها مسلكُ الجمع، فإنها لا تتضارب ولا تتناقض، لأنها من منبع واحد.
وأما الفريق القائل بأنه يجتهد في الدنيويات دون الدينيات، فقد رام بذلك الجمع بين الأدلة، ولكن ذلك لم يطرد له من وجهين: أحدهما ثبوت أنه ﷺ قد اجتهد في الأمور الدينية، وثانيهما عدم وضوح الفرق في الأحكام بين ما هو ديني وما هو دنيوي، فالأحكام الشرعية تتناول هذا وهذا، والرسول ﷺ بإذن ربه، يشرع هنا وهناك.
وأما الفريق المتوقف في القضية، فشبهَتُه هي تكافؤ الأدلة من الجانبين عنده، وصعوبةُ الترجيح، وهذا ليس بشيء، لأن النظر بإمعان في تلك الأدلة، يدل على ما هو الصواب من أنه ﷺ يجتهد، ولكن الفرق بينه وبين غيره من المجتهدين، أنه مسدَّد ومصيب في اجتهاده، ابتداءً، أو مآلا.
1 / 42