المنهج الحركي للسيرة النبوية
الناشر
مكتبة المنار-الأردن
رقم الإصدار
السادسة
سنة النشر
١٤١١ هـ - ١٩٩٠ م
مكان النشر
الزرقاء
تصانيف
ونجد ما يرجح هذا الفهم من قول الله ﷿، ﴿فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين﴾. حيث نجد بعد هذه الآية مباشرة قوله تعالى: ﴿إنا كفيناك المستهزئين (١)﴾.
لقد كان الصدع بعد تكفل الله تعالى بحماية رسوله وكفايته من المستهزئين. وإذا كان ذلك قد تم لرسول الله ﷺ من خلال الوحي، فقيادة الحركة المسلمة الرشيدة هي المسؤولة عن تقدير هذه المرحلة، وإمكاناتها للانتقال إلى مرحلة لاحقة.
ويؤكد هذا الفهم من جهة ثانية - وهو عدم ارتباط هذه المرحلة بزمن معين أو محدد - أن بعض المسلمين في غير مكة بقوا على سريتهم أزمنة مختلفة حسب إمكانياتهم في قبائلهم، وقدرتهم على الدعوة والاصطفاء (٢).
السمة الثانية
قيام الدعوة على الإصطفاء
فهي ليست دعوة علنية تقام في الأندية العامة والمجالس والمحافل؛ إنما تقوم على الاصطفاء الشخصي، وتقدير الداعية لطبيعة المدعو.
لقد وجدنا أن اللبنات الأولى للدعوة كانت خديجة ﵂ أول من آمن في الأرض من النساء، وهي زوج النبي ﵊، وأبو بكر ﵁ وهو صديقه الحيم. وعلي بن أبي طالب وهو ربيبه وفي رعايته وبيته، وهو بمثابة ابنه، وزيد بن حارثة مولاه. وعندما انطلق أبو بكر ﵁ بالدعوة اختار الطريق نفسه.
_________
(١) سورة الحجر الآية ٩٥.
(٢) الذي حدا بنا إلى هذا الإسهاب هو أن بعض الحركات الإسلامية الحديثة تأخذ بمفهوم الزمن في السيرة. فتحدد مسيرتها زمنيا بمسيرة السيرة النبوية، مما أوقعها في تناقض واضح.
1 / 21