السيرة النبوية عند الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد ومنبع الفوائد
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
قوم لا أرجع عنه حتى أرجع إليهم، قال: ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ (سورة القصص: ٥٦) . يا أخا تنوخ إني كتبت بكتابٍ إلى كسرى فمزَّقه والله ممزِّقُه وممزقٌ ملكه، وكتبت إلى النجاشي فخرَّقها والله مخرِّقُه ومخرقٌ ملكَه، وكتبت إلى صاحبكم بصحيفة فأمسكها، فلن يزال الناس يجدون منه بأسًا ما دام في العيش خير ". قلت: هذه إحدى الثلاث التي أوصاني بها صاحبي، وأخذت سهمًا من جعبتي فكتبتها في جلد سيفي، ثم إنه ناول الصحيفة رجلًا عن يساره، فقلت: من صاحب كتابكم الذي يقرأ لكم؟ قالوا: معاوية، فإذا في كتاب صاحبي؛ تدعوني إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين! فأين النار؟ فقال رسول الله ﷺ: "سبحان الله! فأين الليل إذا جاء النهار؟ " فأخذت سهمًا من جعبتي، فكتبته في جلد سيفي، فلما فرغ من قراءة كتابي، قال: " إن لك حقًا، وإنك رسولٌ، فلو وجدتَ عندنا جائزة جوَّزناك بها، إنا سَفْرٌ مُرمِلون "، قال: فناداه رجل من طائفة الناس، أنا أجوزه، ففتح رحَله، فإذا هو يأتي بحلة صفورية فوضعها في حجري، فقلت: من صاحب الحلة؟ قيل: عثمان، ثم قال رسول الله ﷺ: "من يُنْزِلُ هذا الرجل"؟ فقال فتى من الأنصار: أنا، فقام الأنصاري، وقمت معه فلما خرجت من طائفة المجلس ناداني رسول الله ﷺ، فقال: "يا أخا تنوخ" فأقبلت أهوي حتى كنت قائمًا في مجلسي الذي كنت فيه بين يديه، فحلَّ حبوتَه عن ظهره فقال: "هاهنا امض لما أمرتَ به" فجلت في ظهره، فإذا أنا بخاتم في موضع غضروف الكتف، مثل الحجمة الضخمة. رواه عبد الله بن أحمد، وأبو يعلى،
1 / 49