السيرة النبوية عند الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد ومنبع الفوائد
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
٥- وعن أبي رافع مولى رسول الله ﷺ، قال كنت غلامًا للعباس بن عبد المطلب، وكنت قد أسلمْتُ، وأسلمَتْ أم الفضل، وأسلم العباس، وكان يكتم إسلامه مخافة قومه، وكان أبو لهب تخلف عن بدر، وبعث مكانه العاص بن هشام، وكان له عليه دين، فقال له: اكفني من هذا الغزو، وأترك لك ما عليك، ففعل. فلما جاء الخبر، وكبتَ الله أبا لهب، وكنت رجلًا ضعيفًا أنحتُ هذه الأقداح في حجرة زمزم، فوالله إني لجالس أنحت أقداحي في الحجرة، وعندي أم الفضل، إذا الفاسق أبو لهب يجر رجليه، أراه قال: حتى جلس عند طنب الحجرة، فكان ظهره إلى ظهري، فقال الناس: هذا أبو سفيان بن الحارث، فقال أبو لهب: هلمَّ إلي يابن أخي، فجاء أبو سفيان حتى جلس عنده، فجاء الناس فقاموا عليهما، فقال: يابن أخي، كيف كان أمر الناس؟ قال: لا شيء، والله ما هو إلا أن لقيناهم، فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا كيف شاؤوا، ويأسروننا كيف شاؤوا، وايم الله ما لمتُ الناس، قال: ولِمَ؟ فقال: رأيت رجالًا بيضًا على خيل بُلق، لا والله ما تُليق (١) شيئًا، ولا يقوم لها شيء، قال: فرفعت طنب الحجرة، فقلت: تلك والله الملائكة، فرفع أبو لهب يده فلطم وجهي، وثاورته؛ فاحتملني فضرب بي الأرض حتى نزل علي، وقامت أم الفضل، فاحتجزت، وأخذت عمودًا من عمد الحجرة، فضربته به، ففلقت في رأسه شجة منكرة، وقالت: أي عدو الله، استضعفتَه أنْ رأيت سيده غائبًا عنه! فقام ذليلًا، فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى ضربه الله بالعدسة (٢) فقَتَلَتْه، فتركه ابناه يومين أو ثلاثة ما يدفنانه، حتى أنتن، فقال
_________
(١) أي: ما تمسك.
(٢) بثرة تخرج في البدن كالطاعون، وقلما يسلم صاحبها. المعجم الوسيط ٢/٥٨٧.
1 / 42