201

السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية

تصانيف

المبحث الثامن
زواجه ﷺ من خديجة رضى الله عنها .. التعليق على «وات»
وكان زواجه ﷺ من خديجة بنت خويلد بن أسد أحد العلامات البارزة في رعاية الله تعالى له، وإظهار فضله وشرفه، وإعداده لهذه المهمة النبيلة، إذ كان هذا الزواج بعرض من خديجة نفسها، وذلك لما بلغها من صدق حديثه، وعظيم أمانته، وحسن أخلاقه حيث قد انتشر ذلك وذاع عنه في مكة مما يدل على أنه لم يبلغه آخر في نفس ظروفه ﷺ، ثم تابعت ذلك بالتأكد والتحري بنفسها، وهي من هي حزمًا وشرفًا، فقد كانت في أوسط قريش نسبًا وأعلاهم فضلًا وأكثرهم مالًا، ولقد نودي عليها بالعفيفة الطاهرة، وكانت امرأة لبيبة حرص رجال كثير من علية قومها على الزواج منها.
كانت خديجة تضارب في مالها الكثير، وتنتقي من الرجال أشرافهم وأمناءهم ليتجروا لها فيه نظير معلوم من المال، فما أن سمعت بمحمد ﷺ حتى بعثت إليه، وعرضت عليه أن يخرج متاجرًا في مالها إلى الشام، مع إضعاف الأجر له عن غيره فوافق، وخرج مع غلام لها يدعى ميسرة، ولقد رأى من الآيات التي جرت للنبي ﷺ والمعجزات ما حكاه لسيدته خديجة، فرغبت في الزواج منه. (١)
وأن يكون لهذا الزواج أسبابه الوجيهة القوية لهو منطق الأشياء، وواقع الأمر وطبائع

(١) الطبراني في الأوسط،، وقال الهيثمي في المجمع (٢٥٦/ ٨) وإسناده حسن.

1 / 208