197

السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية

تصانيف

المبحث السابع
حفظ الله تعالى لنبيه ﷺ قبل البعثة
إن رجوعًا إلى حادث شق الصدر، وما سبقه من إرهاصات عند مولده ﷺ وما تبعه من وقائع خارجة عن العادة حدثت للنبي ﷺ، خاصة في سفره إلى الشام ليدل دلالة قاطعة على عناية الله به، ورعايته إياه، وأنه كما قيل لموسى ﵇: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ [طه: ٣٩] وقوله: ﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾ [طه: ٤١] فهو إذًا ﷺ يصنع على عين الله تعالى، لنفسه وما يريده له، وما يأمره به ويطلبه منه، ومن ثم كان منطقيًا أن نراه ﷺ محفوظًا عن رجس الجاهلية وأقوال الكفرة، وأفعالهم وصفاتهم، خاصة ما يكون منها متعلقًا بعبادتهم أو معبوداتهم، وكذلك مما يؤكد عليه في هذا المقام أنه كان معصوما قبل البعثة بما يشين بعد البعثة، وهذا يوافق العقل.
وعليه نشير إلى أمور وقعت له في سيرته المشرفة ﷺ نستدل بها ونعلق عليها تدل على هذه الصيانة من الله تعالى، وكيف أنه لم يصدر من المشركين مع شدة الأذى، وتلمسهم أي صغيرة ينفذون بها إلى شينه، لم يصدر منهم ما يعيرونه به، أو يلمزونه به، بل على العكس كان يحظى في تلك الأخلاق بكامل الاحترام قبل البعثة وبعدها، إلا ما كان منهم قبل إيمان من آمن من مجابهة الرسالة والرسول ﷺ.
من هذه الأمور التي عصم منها وهي تشير إلى ما وراءها، فنبدأ بها لذلك.

1 / 204