169

السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي

الناشر

مؤسسة الرسالة

رقم الإصدار

الأولى ١٤٢٤هـ

سنة النشر

٢٠٠٣م

تصانيف

وبالنسبة لولادته يوم الاثنين، فإنه كان لارتباط هذا اليوم بعدد من الأفعال الخيرة التي قدرها الله لكونه المخلوق في هذا اليوم، فلقد ورد الحديث من أن الله تعالى خلق الشجر يوم الاثنين، يقول ابن عباس ﵄: "ولد نبيكم يوم الاثنين، ونبئ يوم الاثنين، وخرج من مكة يوم الاثنين، وقدم المدينة يوم الاثنين، وفتح مكة يوم الاثنين، ونزلت سورة المائدة يوم الاثنين، وتوفي يوم الاثنين"١، وفي ذلك إشارة إلى ارتباط الحوادث العظيمة بيوم الاثنين، ومنها مولده ﷺ.. إن خلق الأقوات والأرزاق والفواكه، والخيرات التي يمتاز بها بنو آدم، ويحيون ويتداوون، وتنشرح صدورهم لرؤيتها، وتطيب بها نفوسهم، وتسكن خواطرهم، لتحصيل ما يبقي حياتهم، على ما جرت به حكمة الحكيم ﷾، كل ذلك كان في يوم الاثنين، فولادته ﷺ في هذا اليوم إشارة إلى ما وجد من الخير العظيم والبركة الشاملة للناس أجمعين ببعثته صلى الله عليه وسلم٢. وبالنسبة لولادته في شهر ربيع الأول، فلما في هذا الشهر من خيرات تتوافق مع خيرات مجيئه إلى الدنيا؛ حيث الازدهار، والجدة، والحسن، والنفع العام. ففي الربيع تبدو خيرات الله تعالى في الكون؛ حيث ينبت الزرع، ويفيض الضرع، ويأتي الحب والنوى، وتنتشر الخضرة الجميلة في ربوع الأرض كلها، وفي السهول والجبال.. والجو في الربيع معتدل المناخ لا حرارة فيه، كما تقل فيه العلل والأمراض بفضل الله تعالى. وفي مجيء محمد ﷺ ومبعثه تحقيق لهذه المعاني، فلقد أتى ﷺ بما يسعد الناس في الدنيا والآخرة.. ورسالته ﷺ قائمة على الاعتدال، والاستقامة، دائمة العطاء، شاملة لكافة الخلق، سهلة، ميسرة.

١ الفتح الرباني ج٢٠ ص١٨٩. ٢ سبل الهدى والرشاد ج١ ص٤٠٦.

1 / 181