السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني
الناشر
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى ١٤٢٤هـ
سنة النشر
٢٠٠٤م
تصانيف
كما أنه واضح أن المدينة كانت ذات ثمر، فلقد أرسل النبي ﷺ إلى عيينة بن حصن بن بدر الفزاري وهو يومئذ رأس المشركين من غطفان عند الخندق ليخذل بين الأحزاب؟! ويصرفهم عن حصار المدينة.
فأرسل إليه عيينة وقال له: إن جعلت لي الشطر فعلت١.
لقد كان ثمر المدينة جديرًا بأن يغري رؤساء الكفر بنقض ما عزموا عليه، كما كان جديرًا أن يمزق جمعهم طمعًا فيه.
إن إشارة النبي ﷺ إلى أنها ذات نخل دليل على ما فيها من خير لأن النخلة كثيرة الفوائد، عظيمة الثمر، ووجودها دليل على وجود ثمرها، وفيها عناصر الغذاء المطلوبة للإنسان يقول النبي ﷺ: "أكرموا عمتكم النخلة، فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم ﵇، وليس من الشجر شيء يلقح غيرها" ٢، ويقول عمرو بن ميمون: "ما من شيء خير للنفساء من التمر والرطب"٣.
إن عديدًا من الصناعات تقوم على النخلة منذ القدم، وقد استفاد بها العربي فائدة كبرى، فمنها يصنع بيته وأدواته، وفراشه، بالإضافة إلى تنوع ثمرها طعمًا، ولونًا، وصورة.
٤- خلو المدينة من الوباء:
اشتهرت يثرب قبل الإسلام بأنها بلد موبوءة، يكثر فيها المرض وتنتشر به الحمى، تقول عائشة ﵂: "قدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله، وكان بطحان يجري نجلا أي ماء آجنًا"٤، وبهذا بينت السيدة عائشة ﵂ السر في كون المدينة وبيئة، وهي أن وادي بطحان ينز ماؤه جهة المدينة فيحدث المرض والوباء
_________
١ السيرة النبوية في ضوء الكتاب والسنة ص١٥٤.
٢ تفسير ابن كثير ج٣ ص١١٨.
٣ المرجع السابق ج٣ ص١١٨.
٤ صحيح البخاري كتاب الحج ج٣ ص٢٨٥.
1 / 29