السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني
الناشر
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى ١٤٢٤هـ
سنة النشر
٢٠٠٤م
تصانيف
فهو آمن ومن قعد بالمدينة فهو آمن إلا من ظلم أو أثم، وأن الله جار لمن بر واتقى، ومحمد رسول الله١.
وهذه الوثيقة تؤكد أن رسول الله ﷺ هو رئيس الدولة، وهو المرجع في التفسير والحكم والتنفيذ، وهو ﷺ المسئول عن تحقيق أمن المدينة وسلامة المقيمين فيها، وهو ﷺ المصدر الوحيد الذي يتلقى الوحي الإلهي، ويبلغه لهم وللناس أجمعين.
وهذه الوثيقة تبين أن مواطني الدولة الإسلامية هم المسلمون وغيرهم، وأن الجميع مسئولون عن ضمان الحقوق داخل المدينة، وعدم التعامل مع المجرمين، وترك التعاون مع المعتدين داخل المدينة أو خارجها، بحيث لا يخرج أحد من المدينة إلى مكة إلا بإذن رسول الله ﷺ ولا يأوى أحد إلا بإذنه ﷺ كذلك.
وتنظم الوثيقة العلاقة بين قبائل المدينة جميعًا، وفي إطار قبول الجميع لحكم الله ورسوله ﷺ الذي يضمن لكل دينه وكرامته وحريته.
وبوضع هذا الميثاق، وإحاطة جميع القبائل به يكون قد تم تحديد مسار الجميع، ومعرفة كل فرد في المدينة لما له، وما عليه، وبهذا الميثاق بدأت الملامح السياسية لدولة المدينة تترسخ، وتخضع لحكم تشريع واحد هو الإسلام، ويقودها إمام واحد هو رسول الله ﷺ والكل فيها مواطنون يتمتعون بحقوق المواطنة، وعليهم واجباتها.
وبذلك تم تنظيم المجتمع في المدينة، وأصبح الطريق مفتوحًا لنشر دعوة الله في كل مكان، وبكل الوسائل الممكنة، ولذلك بدأ رسول الله ﷺ جهاد الدعوة بالسرايا والغزوات، وهذا ما سيتضمنه مبحث حركة الرسول بالدعوة في المدينة الذي سيأتي بعد الانتهاء من سيرته ﷺ.
١ السيرة النبوية لابن هشام ج١ من ص٥٠١ إلى ٥٠٤.
1 / 123