إنتاج المستشرقين وأثره في الفكر الإسلامي الحديث
الناشر
دار الإرشاد للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٨٨هـ - ١٩٦٩م
تصانيف
وحاصل الأمر أن الصدمة التي حصلت للضمير الاسلامي في القرن التاسع عشر وفي هذا القرن، تجاه الحضارة الغربية، كانت محسوسة في عالم أفكارنا على وجه الخصوص، وفي مجال الأفكار العلمية بالذات، بحيث كان لهذه الصدمة أثرها حتى في ميدان تفسير القرآن الكريم، ولا شك أن عملًا جبارًا مثل تفسير طنطاوي جوهري، ذلك التفسير الذي لا نجد فيه كثيرًا من الجدوى، يعزى قطعًا إلى هذا التأثير العلماني على أفكارنا، مع الملاحظة أنه يعبر في نفس الوقت على ظاهرة التكديس، تكديس المعلومات طبعًا، بحيث يصبح هذا العمل الشاق كله أقرب إلى دائرة معارف منه إلى تفسير القرآن، كما أنه يعبر عن ظاهرة جديدة، هي تلك العلمانية العقيمة التي ليست بالنسبة للفكر الاسلامي الا عملية تعويض في الميدان الذي شعر فيه أكثر بتحدي الحضارة الغربية.
والآن نستطيع القول أن هذا الميدان بالذات كان التربة الخصبة الذي وجدها الأدب الاستشراقي، من النوع الذي يتصف بالمدح والتمجيد، ليزرع فيها كل تلك المخدرات التي يتقبلها بكل شغف مجتمعنا لأنها تخدر ضميره وتسليه، ولكن هذا الضمير لا زال في صراع داخلي تسكنه أحيانًا مؤلفات مشارقة مثل طنطاوي جوهري، وأحمد رضا وفريد وجدي أو مستشرقين مثل دوزي
1 / 22