مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي
الناشر
دار الفكر المعاصر-بيروت لبنان / دار الفكر
رقم الإصدار
١٤٢٣هـ = ٢٠٠٢م / ط١
مكان النشر
دمشق سورية
تصانيف
جـ - على الصعيد الفكري
هناك أيضًا أعراض مميزة لطغيان الأشياء. فلا يُسأل الكاتب الذي أنهى كتابًا أي بحث قد عالج وكيف عالجه.
إنه يُسأل عن عدد الصفحات، وأحيانًا يقع المؤلف نفسُه فريسة الشيئية. فهناك مثقفٌ جزائري أخبرني يومًا أنه أنهى كتابًا يقع في كذا صفحة.
د - على الصعيد السياسي
تستلب الشيئية وطغيان الأشياء قدرات المجتمع في ميادين أخرى؛ خصوصًا ميدان التخطيط عندما يواجه بلدٌ ما مشكلة التخلّف، إما باستثمار رؤوس أموالٍ أجنبيةٍ، أو بزيادة معدل الضرائب التي تشلّ كل أوجه النشاط الفردي بأن تمهّد لقيام نظامٍ ضريبي تفصيليّ.
ولكن في المرحلة الحاليّة للمجتمع الإسلامي تشهد تداخلًا بين طغيان الأشياء وطغيان الأشخاص، ويترتب على طغيان الأشخاص نتائج ضارة على الصعيدين، الأخلاقي والسياسي خاصة.
١ - على الصعيد الأخلاقي: عندما يتجسد المثل الأعلى في شخصٍ ما، هناك خطرٌ مزدوج: فسائر أخطاء الشخص ينعكس ضررُها على المجتمع الذي جسّد في شخصه مثله الأعلى. وسائر انحرافات ذلك الشخص تترصد كذلك في خسائر، وتكون هذه الخسارة إما في رفض للمثال الأعلى الذي سقط، وإما في ردّةٍ حقيقية يعتقد عبرها بإمكانية التعويض عن الإحباط باعتناق مثلٍ أعلى آخر. وفي كلا الحالتين فنحن نستبدل دون أن ندري مشكلة الأشخاص بمشكلة الأفكار.
وقد سبب هذا الاستبدال كثيرًا من الضرر بالأفكار الإسلامية المتجسدة بأشخاصٍ ليسوا أهلًا لحلها. فمن ذا الذي يستطيع أن يجسد الأفكار دون أن يعرض المجتمع للخطر؟.
1 / 81