مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي

مالك بن نبي ت. 1393 هجري
76

مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي

الناشر

دار الفكر المعاصر-بيروت لبنان / دار الفكر

رقم الإصدار

١٤٢٣هـ = ٢٠٠٢م / ط١

مكان النشر

دمشق سورية

تصانيف

هنا يكون ثمة إخلال بالتوازن يميز هذه اللحظة الخاصة من التطور التاريخي لمجتمع ما، إنها مرحلة غير طبيعية في جدلية عالمه الثقافي. هذا الإخلال بالتوازن يعكس إفراطًا ما، وكلُّ إفراطٍ هو ضربٌ من طغيان نشاطٍ على حساب نشاطات أخرى. والحدودُ الفاصلة بين هذه المراحل من عدم التوازن ليست واضحة تمامًا. وظاهرة هذا التداخل لا تسمح بتحديد حاسم يشير بصورة مؤكدة إلى اللحظة التي فيها يمرُّ مجتمعٌ من منطقة إفراط ما إلى منطقة أخرى. لكن المجتمع الإسلامي المعاصر يُكَوِّن حقل دراسةٍ يقدم ملاحظاتٍ قيمةً لعالم الاجتماع المهتم بهذه القضايا. وقيمة هذه الملاحظات لا تبرز فحسب في مستوى الفحص السريري، فالمسلم الذي يعكف على دراسة الأمراض الاجتماعية في الدول الإسلامية لا يكشف عن أمراضها لمجرد كونه مهتمًا بمعرفتتها، أو بالتعريف بها، بل إنه يتمنى على العكس أن تأخذ النتائج القليلة التي يستخرجها سبيلها إلى الذين بأيديهم وسائل المعالجة في تلك البلاد، إلى قادة السياسة وقادة الثقافة. فالمجتع الإسلاميّ قد أدرك منذ قرنٍ نهاية أشواط حضارته. وهو اليوم من جديد في مرحلة ما قبل الحضارة. ومنذ قرن تقريبًا يحاول أن يتحرك من جديد لكن إقلاعه يبدو صعبًا بالمقارنة مع مجتمعٍ (معاصر) كاليابان، أو مجتمع جاء إقلاعه متأخرًا عنه؛ كالصين الشعبية. وهذه الصعوبات قد فُسِّرت بطريقتين مختلفتين: بالنسبة لأنصار الموضوعة الاستعمارية فإنّ عامل التأخر عن الإقلاع هو الإسلام. وبالنسبة لأنصار الموضوعة القوميّة فإن الاستعمار هو المسؤول عن ذلك.

1 / 77