مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي
الناشر
دار الفكر المعاصر-بيروت لبنان / دار الفكر
رقم الإصدار
١٤٢٣هـ = ٢٠٠٢م / ط١
مكان النشر
دمشق سورية
تصانيف
تقوم بينه وبينها رابطة غذائية: فهو يحمل الشيء تلقائيًا إلى فمه.
غير أن اكتشافه لعالمِ الأشخاص يتمُّ بمقدار ما يرتبط بها بعلاقات عاطفية ثم اجتماعيَّة.
والأمر نفسه في دخوله عالم الأفكار؛ إذ يبدأ من اللحظة التي يتمكن فيها من تكوين روابط شخصية مع مفاهيم تجريديّة.
إنّ علينا أنْ نرى طفلًا يفشل في مسألة صغيرة لنقدِّر المجهود المصحوب باليأس أحيانًا في اقتحام باب هذا العالم.
هذه المأساويات الصغيرة تمرُّ على العموم دون أن تفطن لها الأُسر والمدارس. غير أنّ الطفل يتذكر أحيانًا أنه بعد أن اصطدم بصعوبة عدة مرات دون أن يقهرها يكشف له يومًا تفكيرُه وعقله سبيلًا لقهرها فيجد الحلَّ وحده.
فهذه اللحظة بالنسبة إليه هي لحظة (أرخميدس)، ويستطيع أن يصرخ مثله (أوريكا)، وتكون هذه اللحظة ما بين السابعة والثامنة من العمر؛ حيث يضع قدمه في عالم الأفكار دون أن يعتمد على أحد.
هذه الخطوة هي حاسمة في اطراد اندماجه الاجتماعي، لأنها تُؤَصله في محيط ثقافيٍّ أصيل يجعل منه (حي بن يقظان) أو (روبنسون كروزو).
فعندما يَعْبُر الطفل عالم الأفكار يضع قدمه في محيطٍ ثقافيٍّ، وأحيانًا في أنظمةٍ إيديولوجية، لها من خصائصها ما يفصل بينها وبين المجتمعات المحايدة أو الخامدة.
هذا التغيير في المستوى النفسي يكشف له عن آفاقٍ جديدةٍ، وأبعادٍ لا تخطر له ببال. وإذ يحوّل هذا الاكتشاف كيانه النفسي؛ فإنّ كيانه الجسديَّ يتحول هو الآخر.
1 / 31