مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي
الناشر
دار الفكر المعاصر-بيروت لبنان / دار الفكر
رقم الإصدار
١٤٢٣هـ = ٢٠٠٢م / ط١
مكان النشر
دمشق سورية
تصانيف
إذا كان قد حمل معه (عالم أفكار هـ) كما فعل (روبنسون كروزو) قبل غرق سفينته.
ولكن مهما تكن درجةُ تجريده ونموذج الثقافة التي يمثّل، فإنّ نشاطه يخضع دائمًا في ضمانِ بقائه لتطوراتٍ نفسيَّةٍ- بدنيَّةٍ، نرى مثلها في سائر أشكال النشاط البشريِّ.
والشكل الأبسط لهذا النشاط يتجلَّى في عملِ الحرفيِّ المنكبِّ على عمله والمقصُّ في يده، بالحارث المنحني على محراثه، بالجنديِّ المسلَّح ببندقيته.
في سائر هذه الحالات، فالعمل: الحرفي، الزراعي، أو الحربيُّ يتمّ انطلاقًا من عنصريْن ظاهرين:
الإنسانِ والآلةِ.
لكن هذين العنصرين يحجبان حقيقةً أخرى أكثر تعقيدًا، ذلك أنَّ العمل لا يتم فعليًّا إلا في ظروفٍ تتوافق بالضرورة مع سؤالِ (كيف) و(لماذا).
فنحن لا نعمل كيفما اتَّفق حتى لا يصبح العمل مستحيلًا. ولا نعمل بغير سببٍ حتى لا نمارس عملًا عابثًا.
فالعمل لا يمكن إذن أن يتحدَّد خارج خطة تحتوي إضافة إلى عناصره الظاهرة، عنصرًا فكريًا مُمَثلًا لمُسَوِّغاته، ولأنماطه التنفيذية التي تلَخِّص كل تقدم اجتماعي وتقني، لمجتمع ما، بما يُميِّزه عن غيره من المجتمعات.
وباعتباره عامل تمييزٍ في المستوى البشريِّ؛ فإنّ عنصر الفكرة ألْهم (ماركس) هذا التأمل الرائع:
«إن ما يميز من الوهلة الأولى أسوأ مهندس معمار عن أمهر نحلة هو أنَّ
1 / 27