مشكلة السرف في المجتمع المسلم وعلاجها في ضوء الإسلام
الناشر
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢١هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
ألوان الإفساد، ما لم يكن في ذلك مصلحة راجحة.
قال سبحانه: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ [الأعراف: ٥٦] (١) .
يقول ابن كثير (ت ٧٧٤ هـ): " ينهى تعالى عن الإفساد في الأرض، وما أضره بعد الإصلاح، فإذا كانت الأمور ماشية على السداد ثم وقع الإفساد بعد ذلك كان آخر ما يكون على العباد. . . " (٢) .
وقال سبحانه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ - وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ [البقرة: ٢٠٤ - ٢٠٥] (٣) .
وهذه الآية - كما يقول القرطبي (ت ٦٧١ هـ): " تعم كل فساد كان، في أرض أو مال أو دين، وهو الصحيح إن شاء الله " (٤) .
وقريب من هذه الآية قوله تعالى: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ - أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾ [محمد: ٢٢ - ٢٣] (٥) .
يقول الشيخ الطاهر بن عاشور (ت ١٣٩٣ هـ): " وفي الآية إشعار بأن الفساد في الأرض وقطيعة الأرحام من شعار أهل الكفر، فهما جرمان كبيران يجب على المؤمنين اجتنابهما " (٦) .
وهكذا يظهر أن الفساد جريمة اجتماعية تجب محاربتها وذلك أن من أهم مقاصد التشريع - كما يقول ابن عاشور -: " حفظ نظام العالم، واستدامة صلاحه بصلاح المهيمن عليه، وهو نوع الإنسان، ويشمل صلاحه صلاح عقله
(١) الأعراف: ٥٦، ٨٥.
(٢) تفسير القرآن العظيم ٢ / ٢٣١.
(٣) البقرة: ٢٠٤ - ٢٠٥.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ٣ / ١٨.
(٥) محمد: ٢٢، ٢٣.
(٦) التحرير والتنوير ٢٦، ١١٣ بتصرف يسير.
1 / 54