الشاهد الشعري في تفسير القرآن الكريم أهميته، وأثره، ومناهج المفسرين في الاستشهاد به
الناشر
مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣١ هـ
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
المفردات والأساليب، فإن العلماء لم يستشهدوا على كثير من مسائل اللغة والنحو، كرفع الفاعل، ونصب المفعول ونحو ذلك، لوضوحها وظهورها، وعدم وجود الخلاف فيها بين العرب. ولذلك تجد في عباراتهم مثل قول ابن الأنباري: «فأما معنى الضجر فإنه لا يحتاج إلى شاهد لشهرته عند الناس» (١). وقوله أيضًا: «وكون «لا» بمعنى الجحد -النفي عند البصريين- لا يَحتاجُ إلى شاهد» (٢).
الثاني: الغريب الذي لا يعرفه كل أحد، وإنما يختص بمعرفته أناس دون أناس، وهم العلماء الذين فُضِّلوا بِمَزيدِ معرفةٍ ودرايةٍ. وهذا النوع هو الذي يحتاج إلى الشواهد من كلام العرب لتحقيقه وتفسيره. وقد سُئِل ابن قتيبة «هل كانت العرب قبل نزول القرآن، وقبل مبعث النبي ﷺ تستوي في المعرفة من جهة اللغة بجميع الأسماء التي في القرآن، وما تحتها من المعاني؟». فأجاب ﵀ بقوله: «والعرب لا تستوي في المعرفة بجميع ما في القرآن من الغريب، والمتشابه، بل لبعضها الفضل في ذلك على بعض، والدليل عليه قول الله جل وعز: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ [آل عمران: ٧] (٣)، ونحن نذهب إلى أن الراسخين في العلم يعلمونه على ما بَيَّنَّا، فأعلمنا الله ﵎ أن من القرآن ما لا يعلمه من العرب إلا من رسخ في العلم» (٤).
ويقول ﵀ بعد ذلك: «وكذلك هي - أي العرب - في الغريب ليس كلها تستوي في العلم به، ولا كلامها كله واضحًا عندها، بل منه المبتذل، ومنه الغريب الوحشي الذي إنما يعرفه العالم منهم، وقد يختلفون في الحروف كما نختلف، ويقول العالم في الشيء يُسألُ عنه من اللغة: لا أعرفه، ويعرفه غيره، فيُخْبِرُ بهِ» (٥).
_________
(١) الأضداد ١٠٧.
(٢) المصدر السابق ٢١١.
(٣) آل عمران ٧.
(٤) المسائل والأجوبة ٤٨.
(٥) المصدر السابق ٤٩ - ٥٠.
1 / 52