سبيل الدعوة الإسلامية للوقاية من المسكرات والمخدرات
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
(السنة السابعة عشر-العدد الرابع والخمسون) ربيع الثاني-جمادى الأولى
سنة النشر
جمادى الآخرة ١٤٠٢هـ.
تصانيف
وقال ابن رجب الحنبلي:"قالت طائفة من العلماء وسواء كان هذا المسكر جامدا أو مائعا، وسواء كان مطعوما أو مشروبا، وسواء كان من حب أو تمر أو لبن أو غير ذلك"١.
وقبل أن يذكر ابن رجب ذلك يقول:"إن الصحابة ﵃ كانوا يحتجون بقول النبي ﷺ: "كل مسكر حرام" على تحريم جميع أنواع المسكرات" ما كان موجودا منها على عهد النبي ﷺ وما حدث بعده"٢.
كما سئل ابن عباس عن الباذق فقال: سبق محمد ﷺ الباذق، فما أسكر فهو حرام، يشير إلى أنه إن كان مسكرا فقد دخل في هذه الكلمة الجامعة العامة"٣
والباذق: شراب كان معروفا عندهم وهو معرب من الفارسية، قال ابن الأثير: هو بفتح الذال، تعريب باذه، وهو اسم الخمر بالفارسية ٤.
ومعنى سبق محمد الباذق، أي سبق حكمه أو سبق قوله فيها وفي غيرها من جنسها، وبهذه الاعتبارات السابقة في معنى المسكرات فإن اسم الخمر يطلق على كل المسكرات، لأن الاشتراك في الصفة يقتضي الاشتراك في الاسم أيضا، وإلى ذلك الإشارة بحديث رسول الله ﷺ السابق: "كل مسكر خمر" كما روى عن النعمان بن بشير أنه ﵊ قال: "إن من الحنطة خمرا ومن الشعير خمرا، ومن الزبيب خمرا، ومن التمر خمرا، ومن العسل خمرا، وأنا أنهاكم عن كل مسكر مسكر" ٥.
هذا.. وإذا كان البعض ذهب إلى تخصيص الخمر بعصير مواد معينة كالتمر والعنب مثلا، وما عداهما فلا يحرم إلا القدر المسكر، فإن ما سبق من أدلة ونصوص يكفي بعضهم في الرد عليهم.
ولعل مما استدل به هؤلاء حديث"الخمر من هاتين الشجرتين، النخلة والعنبة"٦ لكن الحديث ليس على إطلاقه، وإنما هو مبنى على الغالب الموجود، أو الأهم الأكبر، كما في حديث"الحج عرفة" أي أهمه ومعظمه.
فليس في الحديث ما يشير إلى نفي الخمر من غيرهما قال القرطبي: "ثبت بالنقل
_________
١ جامع العلوم والحكم / ٣٩٧.
٢ المرجع السابق.
٣ نفس المرجع.
٤ النهاية في غريب الحديث ١/١١١.
٥أبو داود والترمذي وابن ماجة.
٦ مسلم.
1 / 80