قول الفلاسفة اليونان الوثنيين في توحيد الربوبية
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد ١٢٠ - السنة ٣٥
سنة النشر
١٤٢٣ هـ/٢٠٠٣ م
تصانيف
٤ - أن الفلاسفة لم يتوقفوا في نظرهم ومحاولتهم التعرف على خالق هذا الكون بالنظر إلى المخلوقات الظاهرة أمام أعينهم فيهديهم ذلك إلى كمال وجلال موجدها وخالقها، وإنما راحوا يبحثون في أصل مادة الكون وعلة وجوده، ومباحث أخرى تبع لذلك مبنية على الظن والتخمين وبنوا على ذلك الخرص والتخمين، وصف لله ﷿ ومعرفته، مع أن معرفة أصل الأشياء ومادتها الأولية فيه صعوبة بل عسر، أما ما بعد عنا كالكواكب والسموات وما غاب عنا من المخلوقات فمعرفته أقرب إلى المستحيل، فيكون إدراج ذلك كله في قضية واحدة مع المشاهد المحسوس من الخلق خلفًا وخطأً كبيرًا.
٥ - إن إثبات وجود الله ﷿ ضرورة من الضروريات بل هو من أوجبها وألزمها وأوضحها، ولا ينكر وجوده جل وعلا إلا مكابر جاحد لأن مما هو مستقر في الفطر وبدهي في العقل أن كل موجود لا بد له من موجد، ولا بد أن يصل التسلسل إلى نهاية وإلا كان باطلًا والتسلسل في الوجود موصل إلى نهاية وهو الله ﵎، وهذا لا يخالف فيه إلا شذاذ ملاحدة الفلاسفة. (^١) وهنا نقول كما أن الله ﵎ وجوده ضروري، فكذلك إثبات صفاته تعالى ضروري لعدة أمور:
أ- إن وجوده موجب لإثبات صفاته، لأن كل موجود لابد أن يكون له صفات، فإذا لم يكن له صفات فهو المعدوم، والمعدوم ليس شيئًا موجودًا بل هو كاسمه ليس بشيء.
فلا يفرق بين الموجود والمعدوم إلا بوجود الصفات في الموجود وانتفائها عن المعدوم.
_________
(^١) انظر الشهرستاني في نهاية الأقدام في علم الكلام ص ١٢٨، الآمدي في غاية المرام ص ٩.
1 / 216