قول الفلاسفة اليونان الوثنيين في توحيد الربوبية
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد ١٢٠ - السنة ٣٥
سنة النشر
١٤٢٣ هـ/٢٠٠٣ م
تصانيف
ومن المسلمين من أخذ بشيء من الفلسفة وترك شيئًا، فكان ما أخذه شر أقواله، وأخبث مقولاته، وهدم به ما قابله من نور الله ووحيه، وهؤلاء هم (المتكلمون) من الجهمية، والمعتزلة، والأشعرية، والماتريدية، الذين أقاموا معرفتهم بالله ﷿ على قواعد فلسفية، مما ظنوا أنه لا يتعارض مع وحي الله وشرعه، وراحوا يحاولون التلفيق بين الوحي المنزل، وشرعة الفلاسفة وأنى يلتقيان:
ذهبت مشرقة وذهبت مغربًا … شتان بين مشرق ومغرب
فصاروا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، إلا أنهم أسعد حالًا من سابقيهم، بما عندهم من الوحي والشرع.
ولا شك أن أسعد الجميع حالًا من جعل شرع الله ووحيه هو إمامه وقائده وملهمه ومعلمه وموجهه، وهم سلف هذه الأمة من أصحاب رسول الله ﷺ، ومن التزم بنهجهم وطريقهم من التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم القيامة، ممن لم يرد عن الله بديلا، ولا عن شرعه تحويلا، وقد أيقن هؤلاء أن النور والحق والنجاح والفلاح في شرع الله: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا﴾ النساء (١٢٢) ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾ النساء (٨٧) وأن ما عداه إنما هو وسواس الشياطين، ليس له نصيب ولا حظ من العلم والحق.
وفي هذه الدراسة سنذكر قول الفلاسفة في التوحيد، ونبين بطلانه بما يفتح الله ﷿ به من أوجه بطلان تلك المقالات، وإن كان يغني عن بيان بطلان الباطل سماعه، وذلك لأن مقالة الفلاسفة هي الأصل لسائر أقوال أهل التعطيل من الجهمية والمعتزلة وغيرهم.
كما سنلقي قبل ذلك الضوء على مذهب السلف في التوحيد، حتى يتبين مقدار الفرق بين المقالتين، وما تضفيه مقالة الفلاسفة على النفس من الظلمة
1 / 180