قول الفلاسفة اليونان الوثنيين في توحيد الربوبية
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد ١٢٠ - السنة ٣٥
سنة النشر
١٤٢٣ هـ/٢٠٠٣ م
تصانيف
كيفيتها، منها الروح التي في الإنسان فإن الإنسان عاجز عن معرفة كنهها وحقيقتها مع أن الإنسان يحس ويشعر بها وقد أخبرنا الله بها في قوله ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ الإسراء (٨٥)، فأخبرنا عن الروح ولم يخبرنا عن كيفيتها، فنحن نؤمن بها بدون أن نعرف كيفيتها وهذا لا يقدح في إيماننا بها، فكذلك ولله المثل الأعلى صفات الله ﷿ فجهلنا بكيفيتها لا ينفيها ولا يقدح في إيماننا بها.
وعلى هذا فمن كيّف صفات الله تعالى فقد افترى على الله ﷿، وقفا ما ليس له به علم، قال جل وعلا ﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا﴾ الإسراء (٣٦).
ثالثًا: توحيد الألوهية:
وهو توحيد الله بأفعال العباد، أو هو إفراد الله ﷿ بالعبادة وحده لا شريك له.
وهذا النوع من التوحيد أعظم حقوق الله على عباده وأعلاها شأنا وخطرًا وقدرًا، إذ هو النوع الذي يؤدي فيه العبد لله ﷿ الحق الواجب عليه له سبحانه، كما قال ﵊ لمعاذ بن جبل ﵁: "أتدري ما حق الله على العباد … ثم قال: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا " (^١). والقيام به وأداؤه متضمن لأداء غيره من أنواع التوحيد.
كما أن القيام به لله ﷿، وإخلاص العبادة له ينسجم فيه العبد مع سائر ذرات هذا الكون الساجدة والمسبحة لله عز وجلكما قال ﷿ ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ
_________
(^١) أخرجه البخاري - كتاب التوحيد: باب دعاء النبيصلى الله عليه وسلم أمته إلى التوحيد. انظر: فتح الباري (١٣/ ٣٤٧).
1 / 199