النقص من النص حقيقته وحكمه وأثر ذلك في الاحتجاج بالسنة الآحادية
الناشر
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة ٢٠-العددان ٧٧-٧٨ محرم
سنة النشر
جماد الآخر ١٤٠٨هـ/١٩٨٨م
تصانيف
وأما الثاني فبطلانه واضح من كون الدليل ورد ليعمل به، فإهماله بلا مقتض من نسخ وغيره نقض لما وضع عليه وهو باطل١. وإذا امتنع الأمران، تعين الثالث الذي هو كون الخاص المتقدم مخصصًا للعام حيث انحصرت احتمالات الحالة فيها.
وأجيب عن هذا الدليل:
أ - أن كون دلالة العام على مدلوله محتملة غير مسلم، بل دلت الأدلة على أنها قطعية، فالعام يتساوى مع الخاص من هذه الجهة، فلا بأس بانتساخ كل منهما بالآخر.
ب - على فرض تسليم كون دلالة العام محتملة، فإنها لا تمنع من نسخه الخاص، لأنه عام أيضًا مثل الناسخ وكونه خاصًا إنما هو بالإضافة إلى العام الذي يخصصه وليس خاصًا حقيقيًا، إذ لا تخصيص في الشرع إلا بالعام. حسب ما دل على ذلك الاستقراء٢، وحينئذ يكون كل من العام والخاص محتملًا، فيجوز انتساخ كل منهما بالآخر٣.
أدلة الحنفية ومن معهم:
استدل الحنفية ومن معهم على نسخ الخاص المتقدم بالعام المتأخر وعدم تخصيصه به بما يلي:
١ - روي عن ابن عباس ﵄ أنه قال: "وكان صحابة رسول الله ﷺ يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره"٤، ولا شك أن العام المتأخر أحدث من الخاص المتقدم فيؤخذ بالعام، ومعنى الأخذ به انتساخ الخاص فيكون منسوخًا٥.
وقد أجيب عن هذا الدليل:
بأن اتباع الأحدث فالأحدث والأخذ به يحمل على ما لا يقبل التخصيص كالخاص
_________
١ انظر: المنهاج مع شرحي الأسنوي والبدخشي (٢/١١٧)، والمختصر مع العضد (٢/١٤٨) والتمهيد لأبي الخطاب (٢/١٥١) .
٢ الاستقراء في اللغة: طلب الجمع، والتتبع من القرء وهو الجمع، وفي الاصطلاح: "هو: الحكم على كلي لوجوده في أكثر جزئياته "، مثل الحكم هنا على الكلي الذي هو التخصيص بأنه لا يتم إلا بالعام. لأن أكثر أفراد وجزئيات التخصيص تتبع، فوجد أنه تم بالعام. انظر: مختار الصحاح (ص/ ٣٦) والتعريفات (ص/ ١٨) .
٣ راجع: فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت (١/٣٤٧) .
٤ رواه مسلم. انظر: صحيحه مع شرح النووى (٧/ ٢٣٠) .
٥ راجع: فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت (١/٣٤٨) .
1 / 48