جلباب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة
الناشر
دار السلام للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٢٣هـ -٢٠٠٢ م
تصانيف
"قال ابن عطية: ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بأن لا تبدي وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة ووقع الاستثناء فيما يظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه أو إصلاح شأن ونحو ذلك فـ ﴿إِلاَّ مَا ظَهَرَ﴾ على هذا الوجه مما تؤدي إليه الضرورة في النساء فهو المعفو عنه".
قال القرطبي:
"قلت: هذا قول حسن إلا أنه لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما عادة وعبادة وذلك في الصلاة والحج فيصلح أن يكون الاستثناء راجعًا إليهما يدل على ذلك ما رواه أبو داود عن عائشة ﵂: أن أسماء بنت أبي بكر ﵄ دخلت على رسول الله ﷺ وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله ﷺ وقال لها: "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا"، وأشار إلى وجهه وكفيه، فهذا أقوى في جانب الاحتياط ولمراعاة فساد الناس فلا تبدي المرأة من زينتها إلا ما ظهر من وجهها وكفيها والله الموفق لا رب سواه".
قلت: وفي هذا التعقيب نظر أيضًا؛ لأنه وإن كان الغالب على الوجه والكفين ظهورهما بحكم العادة فإنما ذلك بقصد من المكلف والآية حسب فهمنا إنما أفادت استثناء ما ظهر دون قصد فكيف يسوغ حينئذ جعله دليلًا شاملًا لما ظهر بالقصد؟ فتأمل.
ثم تأملت فبدا لي أن قول هؤلاء العلماء هو الصواب وأن ذلك من دقة نظرهم ﵏ وبيانه: أن السلف اتفقوا على أن قوله تعالى: ﴿إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ يعود إلى فعل يصدر من المرأة المكلفة غاية ما في الأمر أنهم
1 / 51