تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا

محمد خلدون مالكي ت. غير معلوم
66

تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا

تصانيف

وصحَّ لنا من بعده لأنَّنا مأمورون بالاقتداء به، فحتى لو قلنا: إنَّ الخلافة هي خلافة عن رسول الله ﷺ، آلَ الأمرُ عند التحقيق إلى خلافة عن الله تعالى، فما الرسول إلا رسول الله، وهو لا يُمثِّل نفسَه بل يُمثِّل ربَه ﵎، ويُبَلِّغُ عنه شرعه. ثم إنَّ الخلافة لو كانت خلافةً عن رسول الله، لكان كلُّ مَنْ يلي أمرَ المسلمين خليفةً لرسول الله ﷺ، ولمَاَ دُعي عمرُ بن الخطاب ﵁ في بداية عهده بخليفة خليفة رسول الله ﷺ (١). ثمَّ إن قول أبي بكر: لست خليفةَ الله، ولكنِّي خليفة رسول الله، لا يصحُّ دليلًا على رأي الجمهور، لأنَّه ورد عنه ﵁ أنَّه قد رفض أن يسمى حتى خليفةَ رسول الله ﷺ وسمى نفسَه الخالفة، وأقواله هذه يُفهم منها تواضعه ﵁ لا أكثر (٢). وأما الرأي الثالث: القائل إن الخلافة هي عن الله ورسوله معًا: فهو رأي التفتازاني (٣) والشيعة (٤) وإنْ انطلق كلٌ منهما من منطلق يختلف عن الآخر. وأما الرأي الرابع: القائل إنَّ الخلافة هي خلافة عن الأمة: فقال به القرطبي (٥) وبعض المعاصرين كيوجه سوي ولؤي صافي وبسيوني وصاحب كتاب (الخلافة وسلطة الأمة) والخالدي. وهو رأي تبنَّته الموسوعة الفقهية (٦). وقال الماوردي: «الإمامة من الحقوق العامة المشتركة بين حق الله وحقوق الآدميين» (٧).

(١) تاريخ الطبري: ٢/ ٥٦٩. الطبقات الكبرى لابن سعد: ٣/ ٢٨١. مقدمة ابن خلدون: ص ٢٢٧ الفصل الثاني والثلاثون. البداية والنهاية لابن كثير: ٧/ ١٥٤. وفيات الأعيان لابن خلكان: ٦/ ١٠٥. المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي: ٤/ ١٣٥. (٢) انظر: ص (١٦) فقد سبق إيراد قوله هذا هناك. (٣) قال التفتازاني في شرح المقاصد: من يختاره الناس يكون خليفة الله ورسوله: ٥/ ٢٥٣، ٢٥٦. (٤) الألفين للحلي: ص ٥٧. الكافي للكليني: ١/ ٢٠٠ في حديث طويل. كمال الدين للشيخ الصدوق: ص ٦٧٥ - ٦٧٧ حديث رقم (٣١). طوالع الأنوار للبيضاوي: ص ٢٣٨. الأربعين للرازي: ٢/ ٢٦٩. والمواقف للإيجي: ٣/ ٥٩٢ عند الحديث عن أدلة الشِّيعة على النص على الإمام. شرح المقاصد للتفتازاني: ٥/ ٢٥٦. (٥) تفسير القرطبي: ١/ ٢٧٢. (٦) فَصَلَ أصحابُ موقع الخلافة على الإنترنت بين السيادة التي جعلوها للشرع وبين السلطان الذي جعلوه للخليفة نيابة عن الأمة. انظر موقع الخلافة على الإنترنت: www.khilafah.net/subdustur.php. الموسوعة الفقهية: ١٠/ ٣١١. (٧) الأحكام السلطانية للماوردي: ص ٩.

1 / 65