278

تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا

تصانيف

والتعصب الذي تعَّرض له المصريون على أيدي الفاطميين:
١ - أسند الفاطميون المناصب العليا والوظائف المهمة في الدولة - وخاصة القضاء - إلى الشيعة دون أهل السُّنة، الأمر الذي دفع فريقًا من أهل السُّنة إلى التظاهر باعتناق المذهب الشيعي من أجل الاحتفاظ بمناصبهم، أو الوصول إلى مناصب أعلى، وكذلك اعتنق بعض الذميين الإسلام ودانوا بالمذهب الشيعي، من أجل الغرض نفسه (١)، فعندما دخل جوهر مصر أقرَّ القاضي السُّني، ولكنه ألزمه بإصدار أحكامه وفق عقائد المذهب الشيعي ثمَّ أشرك معه قاضيًا مغربيًا هو عبد العزيز بن النعمان، اختص بنظر القضايا التي تخص المغاربة، وشيئًا فشيئًا عزل القاضي السُّني وآل القضاء بأكمله إلى قضاة شيعيين (٢).
٢ - اتخذ الفاطميون المساجد الكبرى في مصر مراكز للدعاية الفاطمية، وأهمها: مسجد عمرو بن العاص، ومسجد أحمد بن طولون، والجامع الأزهر، واهتموا بتعيين أحد كبار المتفقهين في مذهب الشيعة للقيام بنشر دعوتهم، وكان يعرف بداعي الدعاة، وكانت منزلته تلي قاضي القضاة ويتزيا بزيه، ويعاونه اثنا عشر نقيبًا، وله نواب في سائر البلاد، واشترطوا فيه أن يكون عالمًا بجميع مذاهب أهل البيت، وكثيرًا ما تقلد رجل واحد منصبيَ قاضي القضاة والدعوة (٣).
وبالإضافة إلى الجامع الأزهر، فقد شيَّد الفاطميون سلسلة من الجوامع الأخرى التي كانت بمثابة مراكز لتلقين الدعوة الشيعية (٤).
٣ - أمعن الفاطميون في إظهار شعائرهم الدينية المخالفة لشعائر أهل السنة، ولعل أول تغيير آثار سخط المصريين يتعلق بصوم رمضان، حيث يقضي المذهب الإسماعيلي بأن صوم رمضان وفطره يتم بالرؤية والحساب جميعًا، فإذا أشكل

(١) مصر في عصر الدولة الفاطمية للدكتور جمال الدين سرور: ص ٤٧. حياة العامة في مصر في العصر الفاطمي للدكتورة نجوى كيرة: ص ٣٨٢ - ٣٨٣.
(٢) الولاة والقضاة للكندي: ص ٥٨٤. الخطط للمقريزي: ٢/ ٣٤٠. حياة العامة في مصر في العصر الفاطمي للدكتورة نجوى كيرة: ص ٣٩٤.
(٣) مصر في عصر الدولة الفاطمية للدكتور جمال الدين سرور: ص ٤٧.
(٤) الخطط للمقريزي: ٢/ ٢٧٣، ٢٧٧، ٢٨٢، ٢٨٣، ٢٩٠. حياة العامة في مصر في العصر الفاطمي للدكتورة نجوى كيرة: ص ٣٨٧.

1 / 278