المنهل الحديث في شرح الحديث
الناشر
دار المدار الإسلامي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
٢٠٠٢ م
تصانيف
المنهل الحديث في شرح الحديث
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
أحمده ﷾ وأستعينه وأستهديه، وأسأله التوفيق والسداد.
وأشهد أن لا إله إلا الله ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ﴾ فبين للناس ما نزل إليهم، ووضح لهم معالم دينهم، ورسم لهم طريق الفوز في دنياهم وأخراهم.
فصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
"أما بعد" فهذا منهج جديد، أقدمه لطلبة الحديث، تيسيرا لدراستهم وعونا لهم على فهم مقرراتهم.
شرحت فيه الأحاديث المختارة من صحيح البخاري، التي حددتها إدارة الأزهر لطلابها في فترة من الزمن، وقسمتها على سنوات أربع، وخصصت منها خمسين حديثا للسنة الأولى، وثمانين لكل سنة من السنوات الثلاث الأخرى، فكان مجموع أحاديث الأجزاء الأربعة (٢٩٠) تسعين ومائتي حديث، استوعبت أكثر أبواب البخاري، وقطفت من كل باب أهم أحاديثه وأشملها.
حرصت في منهجي على وضوح العبارة، وتنسيق المعلومات،
1 / 7
والاقتصار على المهم منها، متحاشيا التفريع والتطويل.
وبدأت شرح كل حديث بالمعنى العام، أتناول فيه المقاصد بأسلوب سهل بسيط، يعطي فكرة للطالب عن المضمون والمغزى، ويهيئه للدخول في الدقائق والأسرار، وثنيت بالمباحث العربية، بلاغتها ونحوها ومعاني مفرداتها، وفصلتها عن فقه الحديث وأحكامه الشرعية وما يؤخذ منه من أحكام، ضبطا للفكر، وربطا للمعلومات المتناسبة، ثم ذيلت كل حديث بأسئلة، يستوثق عن طريقها الطالب من تحصيله.
وما قصدت إلا الإسهام في تعبيد طريق العلم وفهم الحديث، فكم عانيت من صعوبات هذا الطريق.
فإن كنت قد وفقت وأصبت الهدف فحمدا لله وشكرا، وذلك فضل الله وإن كانت الأخرى فأسأل الله العفو والعافية، وقبول حسن القصد وإخلاص النية.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾
المؤلف
1 / 8
كتاب الإيمان
زيادة الإيمان ونقصه في الإسلام
١ - عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال: "الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان".
-[المعنى العام]-
الإيمان كالشجرة، تطلق على الجذر والساق، كما تطلق عليهما مع الأغصان والأوراق والأزهار والثمار، كذلك يطلق الإيمان على التصديق بالقلب، وعليه مع الأعمال الصالحة، وإذا كانت الشجرة لا تؤتي أكلها، ولا يكمل نفعها إلا بما حمل جذرها وساقها، فإن الإيمان كذلك لا يكون منجيا من النار إلا بما استلزمه من صالح الأعمال.
وإذا كانت الشجرة تتشعب شعبا مختلفة، بعضها أغلظ من بعض وبعضها أساس لغيره، فإن الإيمان كذلك يعتمد على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ثم تتدرج أوامره ومطالبه من الأهم إلى المهم، ومن المهم إلى ما هو دونه، حتى ينتهي بإزاحة الشوكة من طريق المسلمين.
والحياء شعبة من شعب الإيمان البالغة بضعا وستين، أو بضعا وسبعين، بل هو أهم خصال الإيمان، لأنه انقباض النفس عن إتيان الفعل القبيح، فهو الباعث والداعي لكثير من صفات الخير، وهو المانع والحاجز عن كثير من مزالق الشر والفساد.
1 / 9
-[المباحث العربية]-
(الإيمان) يعني الإيمان الكامل المنجي من النار.
(بضع وستون) البضع من العدد ما بين الاثنين والعشرة على الصحيح ويجري عليه حكم العدد، فيذكر مع المعدود المؤنث ويؤنث مع المعدود المذكر، ويبني مع العشرة كما يبني سائر الآحاد، فيقال: بضعة عشر رجلا وبضع عشرة امرأة، ويعطف عليه العشرون والثلاثون إلى التسعين، ولا يقال: بضع ومائة، ولا بضع وألف.
(شعبة) بضم الشين، أي خصلة، والشعبة في الأصل الطائفة من الشيء ومنه شعب القبائل.
(والحياء) وهو الاستحياء، واشتقاقه من الحياة، وهو في الأصل تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به أو يذم عليه، وفي الشرع خلق يبعث على اجتناب القبيح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق.
-[فقه الحديث]-
تكلف جماعة من العلماء حصر شعب الإيمان بطريق الاجتهاد، ولم يتفقوا على نمط واحد، فبعضهم قسمها إلى أعمال القلب معتقدات ونيات، وإلى أعمال اللسان، وإلى أعمال البدن، وبعضهم أخذ يعدها سردا، دون تقسيم وبعضهم ذهب إلى أن العدد أريد به التكثير دون التحديد، من قبيل قوله تعالى ﴿إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم﴾ وقال هؤلاء: إن ذكر البضع للترقي، فيكون المعنى أن شعب الإيمان أعداد مبهمة وكثيرة، بل أكثر من الكثيرة.
والحق أن محاولة حصر شعب الإيمان محاولة غير سليمة من النقد فالبعض يمكن إدخاله في البعض، كما يمكن عده مستقلا، وكل من تكلف حصر الشعب لم يخل من الاعتراض، ولا يقدح عدم معرفة حصر الشعب على التفصيل في الإيمان، إذ أمرها يحتاج إلى توقيف، وكل ما بينه رسول
1 / 10
الله ﷺ أعلى هذه الشعب وأدناها كما ثبت في الصحيح "أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء من الإيمان".
وفي بعض روايات الصحيح "الإيمان بضع وسبعون شعبة" وبعضهم رجح عليها رواية "بضع وستون شعبة" لأنه العدد المتيقن في الروايتين، وهذا كله مبني على أن العدد مقصود محدد، أما من يرى أن العدد هنا للتكثير غير مراد تحديده فلا إشكال في اختلاف الروايات.
فإن قيل: رب حياء يمنع عن قول الحق أو فعل الخير، كأن يحجم صاحبه عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكيف يكون مثل هذا شعبة من الإيمان؟ قلنا: إن مثل هذا ليس بحياء شرعي، بل عجز ومهانة، وإنما تسميته حياء من إطلاق بعض أهل العرف، من حيث أنه ** انقباض من خوف أن يذم، فهو يشبه الحياء وليس بحياء شرعي، فالحياء الشرعي خير كله والحياء الشرعي لا يأتي إلا بخير، فالتغير والانكسار الذي يعتري الإنسان من خوف ما يعاب عليه منه الشرعي الممدوح الموصوف بالسكينة والوقار، ومنه المذموم غير الشرعي.
فإن كان الانقباض عن محرم فهو واجب، وإن كان عن مكروه فهو مندوب، أما الانقباض عن واجب أو مندوب فليس حياء شرعيا، ومنه انكسار النفس وانقباضها عن السؤال في العلم مع الحاجة إلى السؤال.
والحياء الشرعي درجات. أعلاها أن يستحي المتقلب في نعم الله أن يستعين بها على معصيته، وفيه يقول ﷺ لأصحابه "استحيوا من الله حق الحياء" قالوا: إنا نستحي والحمد لله، فقال: "ليس ذلك، وإنما الاستحياء من الله تعالى حق الحياء أن تحفظ الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، وتذكر الموت والبلى، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء".
-[ويؤخذ من الحديث:]-
١ - تفاوت مراتب الإيمان.
٢ - أن الأعمال مع انضمامها إلى التصديق داخلة في مسمى الإيمان.
1 / 11
٣ - الحث على التخلق بالحياء.
٢ - عن عبد الله بن عمرو ﵄ عن النبي ﷺ قال "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه".
-[المعنى العام]-
يعتمد صرح الإسلام ومجتمعه الكامل على قاعدتين، قاعدة إيجابية وهي فعل الخير، من إفشاء سلام، وإطعام طعام، وعمل بناء. وقاعدة سلبية، أو قاعدة الترك والكف، وهذه القاعدة الثانية هي المقدمة، وهي الأهم، لأن التخلية مقدمة على التحلية، من هنا اهتم الشرع بتهذيب أبنائه وإبعادهم عن المساوئ، والرذائل، وإيذاء بعضهم بعضا، فجعل المسلم الحق هو الذي يسلم الناس من لسانه ويده وبقية جوارحه، هو الذي يمسك لسانه عن طعن الناس ويحفظ ما بين فكيه عن الإساءة للمسلمين، وهو الذي يمسك يده وبقية أعضاء جسمه، ويحبس شرورها وأذاها فلا يمد يده لحق
1 / 12
الغير، ولا تمشي رجله للإضرار بأحد.
وإذا كانت الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام فرارا بالدين من أفضل القربات، فإن هجرة الفواحش، وهجرة المحرمات، من أعظم الطاعات فالمهاجر الحق هو الذي يهجر المعاصي، ويبتعد عنها، ولا يقترفها، بل لا يحوم حولها حتى لا يقع فيها.
-[المباحث العربية]-
(المسلم) وكذا المسلمة، فالتعبير بالمسلم للتغليب، والنساء شقائق الرجال يسري عليهن حكمهم، إلا ما خص بنص الشرع.
(من سلم المسلمون) فيه جناس الاشتقاق، وهو أن يرجع اللفظان في الاشتقاق إلى أصل واحد، والتعبير بلفظ "المسلمون" من قبيل التغليب أيضا أي والمسلمات.
(من لسانه ويده) المراد من اليد ما هو أعم من العضو المعروف، فيراد بقية الأعضاء، كما يراد اليد المعنوية، كالاستيلاء على حق الغير بغير حق، فالمراد من سلم المسلمون من شره مطلقا.
(والمهاجر) أي الهاجر، فالمفاعلة ليست من الجانبيين، كلفظ المسافر وقيل: إن من هجر شيئا فقد هجره ذلك الشيء وإن كان جمادا، وهو هجرة بالقوة وبغير إرادة.
-[فقه الحديث]-
من علامة المسلم التي يستدل بها على حسن إسلامه سلامة المسلمين من شره وأذاه، بل إحسان المعاملة مطلوب مع غير المسلمين، بل مع غير الإنسان من الطير والحيوان، فذكر المسلمين في الحديث خرج مخرج الغالب، لأن محافظة المسلم على كف الأذى عن أخيه المسلم أشد تأكيدا، ولأن الكفار بصدد أن يقاتلوا، وإن كان فيهم من يجب الكف عنه، ولأن الأغلب أن سبب الإذابة المخالطة، وغالب من يخالطهم المسلم عادة
1 / 13
المسلمون مثله، فنبه على التحرز من إذايتهم التي قربت أسبابها.
وخص اللسان واليد بالذكر من بين سائر الجوارح لأن اللسان هو المعبر عما في النفس، واليد هي التي بها البطش والقطع والوصل والأخذ والمنع والإعطاء.
وقدم اللسان على اليد لأن إيذاءه أكثر وقوعا من إيذائها، وأسهل مباشرة وأشد نكاية منها، ولهذا قال الشاعر:
جراحات السنان لها التئام ... ولا يلتام ما جرح اللسان
ثم إيذاء اللسان يعم، ويلحق عددا أكثر مما يلحقه إيذاء اليد، فقد يؤذي البعيد والقريب، والحاضر والغائب والميت والحي، وأسرة أو قبيلة أو دولة بلفظ واحد، بخلاف اليد.
فذكر اللسان واليد مع غلبة مباشرتهما الأذى كالعنوان لكل ما يباشر الأذى من الأعضاء، حتى القلب فإنه منهي عن الحسد والحقد والبغض والغيبة وإضمار الشر ونحو ذلك.
ولا يدخل في إيذاء المسلم إقامة الحدود عليه، إذ هي إصلاح لا إيذاء وكل مأذون فيه شرعا مهما آلم ليس من قبيل الإيذاء المحرم.
-[ويؤخذ من الحديث:]-
١ - الحث على ترك أذى المسلمين بكل ما يؤذي، وجماع ذلك حسن الخلق وهو درجات، أعلاها درجة الأبرار، وهم الذين لا يؤذون الذر ولا يضمرون الشر.
٢ - في الحديث رد على المرجئة في قولهم: لا يضر مع الإيمان معصية.
٣ - في الحديث أن العفو والصفح وترك المؤاخذة أولى من المطالبة والمعاقبة ﴿ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور﴾
٤ - والحث على هجر الفسق والعصيان.
1 / 14
٥ - وفيه أن عدم الإيذاء علامة ظاهرة من علامات المسلم، وليس معنى ذلك أن من سلم المسلمون من لسانه ويده يكون كامل الإسلام وإن قصر في الواجبات الأخرى، فظهور علامة قد تكون غير معبرة عن باطن حقيقي لا تثبت بها الحقيقة الكاملة، نعم من لم يسلم المسلمون من أذاه لا يكون مسلما كامل الإسلام وإن كان مسلما في الجملة.
٣ - عن أنس بن مالك ﵁ عن النبي ﷺ قال: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار".
-[المعنى العام]-
﴿ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في
1 / 15
السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها﴾ تلك الكلمة كلمة التوحيد والإخلاص، إذا غرست في القلب ونمت وترعرعت بامتثال الأوامر واجتناب النواهي آتت أكلها، وأثمرت حبا لله، وحبا لرسوله، وينمو هذا الحب ويزداد، ويرتقي صاحبه بالاستغراق في الفرائض والنوافل، حتى يغطي حب الله وحب رسوله كل المشاعر، وحتى يكون الله ورسوله أحب إليه من ولده ووالده وماله ونفسه.
وتبرز آثار هذا الحب في امتثال أمر الله، والتلذذ بالعبادة والتكاليف الشاقة والرضا بقضائه وقدره، بل يتلقى المحنة بالنفس الراضية المطمئنة، وبنفس الروح التي يتلقى بها المنحة.
فالمحب يرضى بل يحب كل أفعال المحبوب، ويحرص على أن لا يخالفه أو يغضبه، ويتفرع عن هذا الحب حب من يحبه الله ورسوله من أجل حب الله ورسوله، يتفرع عن هذا الحب حب الصالحين ومجالستهم والاقتداء بهم وتتبع سيرتهم، والميل إليهم، لا لشيء إلا لأنهم صالحون، ولأن حبهم من حب الله، ولله، وفي الله.
ويتفرع عن هذا الحب بغض ما يبغضه الله ورسوله، وبغض الكفار والفسقة والعاصين. وينتج عن هذا الحب وذلك البغض بغض لأن يعود المؤمن إلى ذلك الظلام، ظلام الكفر بعد أن أنقذه الله منه وأخرجه إلى النور.
من بلغ هذه الدرجة من الحب بلغ قمة الإيمان، وتمتع بحلاوته، وسعد بسموه ونوره وهدايته، وكانت له الجنات العلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
-[المباحث العربية]-
(ثلاث من كن فيه) "ثلاث" مبتدأ، والجملة بعده الخبر، وجاز الابتداء به وهو نكرة لأن التنوين عوض عن المضاف إليه، والتقدير ثلاث خصال وحذف المعدود يجيز تذكير العدد وتأنيثه، فيصح أن نقول: ثلاثة، أي ثلاثة أمور، و"كان" تامة هنا، أي من وجدن فيه.
1 / 16
(وجد حلاوة الإيمان) أي أحس وشعر بحلاوة الإيمان، فحلاوة الإيمان موجودة في المؤمن بوجود الإيمان، لكنه لا يحسها ولا يستلذها إلا من كانت عنده هذه الخصال الثلاث، فالمؤمن مثله مثل آكل العسل، حلاوة العسل محققة في آكله، لكن إن كان الآكل في صحة وراحة بال فهو يستطيبه ويحس به، ويتلذذ بحلاوته، وإن لم يكن في صحة، أو كان مشغول البال مهموما بأمر من الأمور لم يحس له طعما ولم يشعر بحلاوته، وكذلك المؤمن إن حصل الصفات الثلاث وجد حلاوة الإيمان، وإلا لم يسعد بإيمانه في دنياه ولم ينتفع به النفع الكامل في أخراه.
وقد جاء في بعض الروايات "وجد طعم الإيمان" وهي بمعنى الرواية المذكورة، لأن طعم الإيمان عند المؤمن لا يكون إلا حلوا. ولما كان الطعم والحلاوة من صفات المطعومات كان التعبير بها في جانب الإيمان مجازيا على سبيل الاستعارة التصريحية، بتشبيه انشراح الصدر بالحلاوة.
(أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) المصدر المنسبك من "أن" والفعل خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: هي أي الخصال الثلاث كذا وكذا وكذا إن روعي المجموع، وتقديره إحداها كذا، وثانيتها كذا، وثالثتها كذا إن روعي كل من الثلاث على حدة.
(وأن يكره أن يعود في الكفر) يقال: عاد إلى كذا أي رجع إليه، وعاد فيه مضمن معنى استقر، أي رجع إليه وانغمس واستقر فيه.
(كما يكره أن يقذف في النار) أي كراهة مشابهة لكراهته أن يقذف في النار، فقوله "كما يكره" صفة لمصدر محذوف. و"ما" مصدرية.
-[فقه الحديث]-
الحب الميل إلى الشيء، وهو نوعان، جبلي يغرسه الله في القلب فيحس صاحبه ميلا لا سلطان له على دفعه، ولا قدرة له في اكتسابه، ومن
1 / 17
هذا النوع قوله ﷺ "اللهم إن هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك" والنوع الثاني مكتسب بتناول أسبابه، فحب المؤمن لله ينشأ عن التفكير في فضله ونعمائه، فيتقرب إليه جل شأنه بالفرائض والنوافل، حتى يكون أمر الله وطاعته هي كل شيء في حياته، وكذلك الحال بالنسبة للرسول ﷺ اعترافا بفضله وجهاده في سبيل إخراج الناس من الظلمات إلى النور.
وللحب علامات وآثار لا يوجد بدونها، فطاعة المحبوب والحرص على رضاه دليل المحبة، وصدق الله العظيم حيث يقول: ﴿قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ....﴾
فقيام المؤمن المحب لربه بالتكاليف الشاقة ليس للحب العقلي كشرب الدواء المر- كما يرى البيضاوي -ولكن للتلذذ بالتكاليف وأدائها، وعدم الشعور بمشقتها، فهي حلوة عنده، تهفو إليها نفسه وتسعد بها مشاعره.
وإذا وصل المؤمن إلى هذه الحالة كمل إيمانه، وشعر بحلاوة الإيمان وحصلت عنده الخصلتان الأخيرتان حصولا لازما تبعيا.
-[ويؤخذ من الحديث:]-
١ - أن للإيمان حلاوة ولذة يحسها المقربون.
٢ - الحث على اتباع الأوامر واجتناب النواهي، والإكثار من النوافل لنيل محبة الله ورسوله.
٣ - الحث على إخلاص محبة الناس وتمحيضها لله تعالى، فحب الناس حبا مشتركا بين الله وبين النفع الدنيوي- كمحبة الصالحين لأنهم صالحون وللانتفاع منهم بالمعاملات الدنيوية- وإن كان حسنا وممدوحا شرعا لكنه لا يصل بصاحبه إلى المرتبة المطلوبة، التي بها يجد حلاوة الإيمان وجودا كاملا. والمراد من المرء المحبوب على هذا، المرء المسلم الصالح فإن الكافر والفاسق ينبغي أن يبغضا في الله، مصداقا لقوله تعالى: ﴿لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم
1 / 18
أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم﴾
٤ - عن عبادة بن الصامت ﵁ وكان شهد بدرا وهو أحد النقباء ليلة العقبة أن رسول الله ﷺ قال: - وحوله عصابة من أصحابه - "بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه فبايعناه على ذلك".
-[المعنى العام]-
قبل الهجرة بعام وبعض العام تعرض رسول الله ﷺ لجماعة من المدينة في موسم الحج، وفي عقبة منى بايعهم على الإسلام وعلى أن يخبروا من وراءهم من أهل المدينة، وكانوا اثنى عشر رجلا، من بينهم عبادة بن
1 / 19
الصامت وتسمى هذه البيعة بيعة العقبة الأولى، وفي الموسم الثاني للحج قدم مسلما جمع كبير من أهل المدينة، قيل إنهم كانوا ثلاثة وسبعين رجلا وامرأتين واجتمع بهم ﷺ ولكثرتهم طلب منهم نقباء عنهم يبايعهم، فكان من النقباء عبادة بن الصامت، وبايعوا رسول الله ﷺ على السمع والطاعة في النشاط والكسل وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن يقولوا الحق ولا يخافوا في الله لومة لائم، وعلى أن ينصروا رسول الله ﷺ إذا قدم عليهم يثرب، فيمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم وأزواجهم وأبناءهم، ولهم الجنة.
وهذه هي بيعة العقبة الثانية، وبها سمي المسلمون من أهل المدينة بالأنصار، وبعد فتح مكة حين جاءت المؤمنات مهاجرات بايعهن رسول الله ﷺ على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن، ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن، ولا يعصين رسول الله ﷺ في معروف. وتسمى هذه البيعة بيعة النساء، ثم بايع رسول الله ﷺ الرجال على ما بايع عليه النساء، وقال لهم: من وفى وحافظ، ولم يفعل شيئا من هذه المنهيات فأجره على الله، ومن أصاب من هذه النواهي شيئا، فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له، ولا يجمع الله عليه عقوبتين. ومن أصاب من هذه الكبائر شيئا ثم ستره الله، فلم يعاقب به في الدنيا فأمره في الآخرة إلى الله، إن شاء عفا عنه وسامحه وغفر له، وإن شاء عاقبه. وكان عبادة بن الصامت ممن حضر هذه البيعة، كما كان ممن حضر بيعة الرضوان تحت الشجرة، عام الحديبية ﵁ وأرضاه، ورضي عن الصحابة.
-[المباحث العربية]-
(عن عبادة بن الصامت أن رسول الله ﷺ قال) هذا التركيب كثير في الروايات، والجار والمجرور فيه وفي مثله متعلق بفعل محذوف، و"أن" وما دخلت عليه في تأويل مصدر نائب فاعل للفعل المحذوف، والتقدير: روي عن عبادة قول رسول الله ﷺ.
1 / 20
(وحوله عصابة من أصحابه) "حول" ظرف مكان خبر مقدم، و"عصابة" مبتدأ مؤخر، والجملة في محل نصب حال من فاعل "قال" والعصابة بكسر العين الجماعة من الناس، وهي ما بين العشرة والأربعين.
وذكر هذه الجملة للتوثيق بالرواية، وأن الراوي يذكر الحديث بجميع ظروفه وهيئاته.
(بايعوني) المبايعة في الأصل المعاوضة المالية، والمراد منها هنا المعاهدة وهي شبيهة بالبيع لما أن كلا من المتعاهدين يبذل ما عنده للآخر، فالرسول ﷺ يبذل الوعد بالثواب والجنة، وهم هنا يبذلون الوعد بالطاعة.
(ولا تسرقوا) المفعول محذوف للتعميم، أي لا تسرقوا شيئا ما، أو الفعل منزل منزلة اللازم، أي لا يكن منكم سرقة.
(ولا تقتلوا أولادكم) بنين كانوا أم بنات مخافة العار أو الحاجة، وخص القتل بالأولاد لأنه كان شائعا فيهم، أو لأنهم لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم.
(ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم) البهتان الكذب الذي يبهت سامعه، أي يدهشه لفحشه وفظاعته، وأصل هذا التعبير كان في بيعة النساء، كنى بذلك عن نسبة المرأة الولد الذي تزني به أو تلتقطه إلى زوجها زورا وبهتانا، فلما استعمل في بيعة الرجال كما هو، حمل على المباشرة مطلقا والمواجهة بالكذب، إذ ما بين الأيدي والأرجل هو المواجه للآخرين.
(ولا تعصوا في معروف) مفعوله محذوف، جاء في رواية "ولا تعصوني" قال النووي: يحتمل أن يكون حذفه للتعميم، أي لا تعصوني ولا تعصوا أحدا من أولي الأمر في معروف، والمعروف ما عرف من الشارع حسنه، أمرا أو نهيا.
(فمن وفى منكم فأجره على الله) "وفى" بالتخفيف والتشديد بمعنى، أي فمن ثبت على العهد، وأدى العهد وافيا، وأبهم الأجر للتفخيم، لأن الأجر من الكريم لا يكون إلا عظيما، وقد عين هذا الأجر في رواية في الصحيحين
1 / 21
إذ قال "فأجره على الله بالجنة" وذكر "على" في "على الله" للدلالة على تحقق الوقوع، كالواجبات، لأن الله لا يجب عليه شيء.
(ومن أصاب من ذلك شيئا) الإشارة للمنهيات المذكورة، والمراد ما عدا الشرك، إذ خرج بدليل آخر كقوله: ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.﴾
(فعوقب في الدنيا) في رواية "فعوقب به في الدنيا" بالحد أو القصاص مثلا.
(فهو كفارة له) أي فالعقاب الدنيوي كفارة وطهور، كذا جاء في رواية الإمام أحمد.
(ثم ستره الله) قال بعضهم عطف هنا بثم، وعطف "فعوقب" بالفاء للتخويف من الوقوع في المعصية لأن السامع إذا علم أن العقوبة تعقب وتفاجئ المعصية خاف ونفر، بخلاف الستر فإنه متراخ بعيد.
-[فقه الحديث]-
المسألة الرئيسية في هذا الحديث: هل الحدود كفارات للذنوب لا يعاقب عليها في الآخرة؟ أو ليست كفارات؟ وبعبارة الفقهاء: هل الحدود جوابر؟ أو زواجر؟ أي هل هي تجبر صاحب المعصية وتنقيه من الذنب؟ أو هي لزجره وزجر غيره، وعليه عقوبة أخروية؟ للعلماء في هذه المسألة ثلاثة مذاهب. قيل: جوابر، وقيل: زواجر، وقيل: بالتوقف. ولكل أدلته.
وقبل التفصيل والتدليل نسارع بأن قتل المرتد على ارتداده غير داخل في المسألة، فلا نقاش في أن قتله غير مكفر لذنبه، وخروجه من العموم الظاهر في الحديث من قوله "ومن أصاب من ذلك شيئا" حيث إن الإشارة للمذكورات وأولها "أن لا تشركوا بالله شيئا" هذا العموم -كما قال النووي -خصص بقوله تعالى: ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾ وبعض العلماء يجعل الإشارة لما ذكر بعد الشرك، بقرينة أن
1 / 22
المخاطب بذلك المسلمون، فلا يدخل الشرك حتى يحتاج إلى إخراجه، ويؤيد هذا الفريق ما جاء في مسلم عن عبادة في هذا الحديث "ومن أتى منكم حدا" إذ القتل على الشرك لا يسمى حدا، ورد الحافظ ابن حجر على هذا الرأي ورجح توجيه النووي، فقال: إن خطاب المسلمين بذلك لا يمنع من التحذير من الإشراك وما ذكر في حقيقة الحد عرفي، فالصواب ما قال النووي.
نعود إلى آراء العلماء وأدلتهم فنقول:
إن القائلين: بأن الحدود كفارات وجوابر، ولو لم يتب المحدود، هم الجمهور، ويستدلون بظاهر هذا الحديث، فهو صريح بأن من أصاب حدا فعوقب به في الدنيا، فهو كفارة له، ثم إن عبادة بن الصامت لم ينفرد برواية هذا الحكم، بل روى ذلك أيضا عن علي بن أبي طالب ﵁، كما أخرجه الترمذي وصححه الحاكم، وفيه "من أصاب ذنبا، فعوقب به في الدنيا، فالله أكرم من أن يثني العقوبة على عبده في الآخرة" وللطبراني عن ابن عمر مرفوعا" ما عوقب رجل على ذنب إلا جعله الله كفارة لما أصاب من ذلك الذنب" ومن أدلتهم حديث ماعز والغامدية، إذ اعتبر الرسول ﷺ إقامة الحد توبة فقال: "لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم".
القول الثاني: أن الحدود ليست كفارات إلا مع التوبة، وبذلك جزم بعض التابعين، وهو قول للمعتزلة، ووافقهم ابن حزم وبعض المفسرين واستدلوا باستثناء من تاب في قوله تعالى: ﴿إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم، إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم﴾ فالآية حكمت عليهم بعذاب أخروي بعد خزي الدنيا وعقوبة الدنيا، ولم ترفع عقوبة الآخرة إلا بالتوبة، وقد حاول بعض العلماء أن يرد هذا الاستدلال بأن الاستثناء إنما هو من عقوبة الدنيا، ولذلك قيدت بالقدرة عليه. قاله الحافظ ابن حجر. فالآية على هذا معناها أن ذلك الجزاء
1 / 23
من التقتيل، أو الصلب، أو تقطيع الأيدي، والأرجل، أو النفي، ثابت لغير الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم. لكن بقي لهذا الفريق أن يستدل بالجمع بين عقوبة الدنيا والعذاب العظيم في الآخرة لهم.
اللهم إلا أن يقال: إن هذا خاص بالمحاربين، فهم يستثنون من العام بالنص عليهم، كما استثنى القاضي إسماعيل من قتل قصاصا، فقال: إن قتل القاتل إنما هو رادع لغيره، وأما في الآخرة فالطلب للمقتول قائم، لأنه لم يصل إليه حق. وقد دفع الحافظ ابن حجر هذا الرأي فقال: بل وصل إلى المقتول حق وأي حق؟ فإن المقتول ظلما تكفر عنه ذنوبه بالقتل، فلولا القتل ما كفرت ذنوبه، وأي حق يصل إليه أعظم من هذا؟ ولو كان حد القتل إنما شرع للردع فقط لم يشرع العفو عن القاتل. اهـ.
القول الثالث: التوقف لحديث أبي هريرة عند البزار قال: قال رسول الله ﷺ "لا أدري الحدود كفارة لأهلها أم لا" وقد حاول الحافظ أن يرد هذا الاستدلال بأن حديث عبادة أصح إسنادا، وبجواز أن يكون ﷺ قال ذلك قبل أن يعلم، ثم علم، ولا وجه بعد ذلك للتوقف في كون الحدود كفارة. اهـ.
والذي نميل إليه أن الذي شرع الحدود كعقوبة على الذنب هو الله تعالى، وإذا كنا نطمع في عفوه بدون عقوبة، فمع العقوبة الدنيوية من باب أولى، أما شرط التوبة مع الحد فليس بلازم لأن التوبة وحدها كافية في محو الذنب فلم يكن للحد والعقوبة معها موقع. نعم إن صاحبت الحد كانت خيرا مضموما إلى مكفر، والله أعلم.
-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم:]-
١ - مشروعية البيعة، وأخذ العهود على عمل الصالحات، والبعد عن السيئات.
٢ - تعظيم أمر السرقة والزنا، إذ جعلا بين الإشراك وبين قتل الأولاد.
٣ - تعظيم أمر الكذب، وبخاصة في النسب.
1 / 24
٤ - استدل بقوله "ولا تعصوا في معروف" على أن الحديث جمع بين المنهيات والمأمورات ولم يهمل الواجبات، إذ العصيان مخالفة الأمر، قال الحافظ ابن حجر: والحكمة في التنصيص على كثير من المنهيات دون المأمورات أن الكف أيسر من إنشاء الفعل، واجتناب المفاسد مقدم على اجتلاب المصالح، والتخلي عن الرذائل مقدم على التحلي بالفضائل.
٥ - أدخل بعضهم مصائب الدنيا، من الآلام والأسقام في عموم العقاب وأنها مكفرة لبعض جرائم الحدود إن لم تقم الحدود، والتحقيق أنها لا تدخل في هذا الحديث، لأنها قد تجتمع مع الستر، فتدخل في قوله: "ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله" نعم بينت الأحاديث الكثيرة أن المصائب تكفر الذنوب، قال الحافظ: فيحتمل أن يراد أنها مكفرة ما لا حد فيه.
٦ - وفي الحديث في قوله: "ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه" رد على الخوارج الذين يكفرون بالذنوب، ورد على المعتزلة الذين يوجبون تعذيب الفاسق إذا مات بلا توبة.
٧ - قال الطيبي: وفيه إشارة إلى الامتناع والبعد عن الشهادة على أحد بأنه من أهل النار، أو لأحد بأنه من أهل الجنة، إلا من ورد النص فيهم بأعيانهم.
٨ - استدل به بعضهم على أن المطلوب ممن ارتكب حدا أن يأتي الإمام ويعترف، ويسأله أن يقيم عليه الحد، ليحصل الكفارة، وقيل: بل الأفضل أن يتوب سرا، وفصل بعضهم بين أن كون معلنا بالفجور فيستحب أن يعلن توبته، وأن يأتي الإمام ويعترف، وإلا فلا ... والله أعلم.
1 / 25
٥ - عن المعرور بن سويد قال: لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حلة وعلى غلامه حلة فسألته عن ذلك فقال إني ساببت رجلا فعيرته بأمه فقال لي النبي ﷺ "يا أبا ذر أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم".
-[المعنى العام]-
كان أبو ذر يسوي بين نفسه وبين خادمه في الملبس والمأكل، فلما رآه بعض الصحابة، وقد قسم الحلة الواحدة نصفين، لبس نصفها، وألبس عبده
1 / 26