الشيخ محمد بن عبد الوهاب المجدد المفترى عليه
الناشر
دار الفتح الشارقة
رقم الإصدار
الأولى ١٤١٥هـ
سنة النشر
١٩٩٥م
مكان النشر
الإمارات العربية المتحدة
تصانيف
وأما احتجاجهم بحديث توسل عمر بالعباس بن عبد المطلب فهاك نص الحديث: عن أنس أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيك، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا "فيسقون". رواه البخاري في صحيحه فتعلقوا بقوله: إنا كنا نتوسل بنبينا، هذا الأمر الأول، والثاني قوله: إنا نتوسل إليك بعم نبينا، ففهم أنصار البدع والمبشرون بدعاء الأموات والتوسل والاستغاثة بهم على جواز الأمرين بل على الندب.
والجواب: إن قولهم توسلوا بالنبي لا يصح، بل كانوا يتوسلون بدعائه ﷺ في حال حياته، والدليل عليه أمور:
الأول: ما ثبت في الأحاديث حين كان حيا أنهم كانوا يأتون إليه في الجدب فيذكرون له ذلك ويسألونه، فيدعو الله لهم ويقول: "اللهم أغثنا" في أحاديث كثيرة، وما ورد قط أنهم توسلوا واستسقوا بذاته حيا، والتوسل بدعائه ﷺ مذكور في صلاة الاستسقاء من كتب السنة، فعن أنس ﵁ "أن رجلا دخل المسجد يوم الجمعة والنبي ﷺ قائم يخطب، فقال يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله ﷿ يغيثنا فرفع يديه" زاد البخاري في رواية "ورفع الناس أيديهم" ثم قال "اللهم أغثنا" وفي البخاري أسقنا "اللهم أعثنا" فهذا الحديث صريح أنهم كانوا يطلبون من الرسول ﷺ دعاءه، ولا شك أن دعاءه مستجاب.
فقد تبين مما أوردته أن توسلهم بالرسول ﷺ كان بدعائه لا بذاته، لأنه لو كان التوسل بذاته لما كانت هناك حاجة لأن يأتوا إلى النبي ﷺ ويطلبوا منه أن يستسقي لهم، ولتوسلوا وهم في أماكنهم فطلب من الرسول ﷺ حينما أجدبوا، كما قال الأعرابي: والرسول يخطب هلكت الأموال وانقطعت السبل فادعوا الله يغيثنا، فذلك الأعرابي كان أعرف بالتوحيد من أولئك الذين يدعون العلم، ويموهون على الناس بأنهم من الناصرين لدين الله،
1 / 57