الإسراء: ٩٤-٩٥] فلو كان سكان الأرض ملائكة لأرسل الله إليهم رسولًا من جنسهم، أما وأن الذين يسكنون الأرض بشر فرحمة الله وحكمته تقتضي أن يكون رسولهم من جنسهم (لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولًا من أنفسهم) [آل عمران: ١٦٤] .
وإذا كان البشر لا يستطيعون رؤية الملائكة والتلقي عنهم بيسر وسهولة فيقتضي هذا - لو شاء الله أن يرسل ملكًا رسولًا إلى البشر - أن يجعله رجلًا (ولو جعلناه ملكًا لَّجعلناه رجلًا وللبسنا عليهم مَّا يلبسون) [الأنعام: ٩] فالله يخبر أنه " لو بعث رسولًا ملكيًا، لكان على هيئة رجل، ليمكنهم مخاطبته والانتفاع بالأخذ عنه، ولو كان كذلك لالتبس الأمر عليهم " (١) .
والتباس الأمر عليهم بسبب كونه في صورة رجل، فلا يستطيعون أن يتحققوا من كونه ملكًا، وإذا كان الأمر كذلك فلا فائدة من إرسال الرسل من الملائكة على هذا النحو، بل إرسالهم من الملائكة على هذا النحو لا يحقق الغرض المطلوب، لكون الرسول الملك لا يستطيع أن يحس بإحساس البشر وعواطفهم وانفعالاتهم وإن تشكل بأشكالهم.