الرسل والرسالات
الناشر
مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع،الكويت،دار النفائس للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الرابعة
سنة النشر
١٤١٠ هـ - ١٩٨٩ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
تمهيد:
حَاجة البشريّة إلى الرّسُل والرّسَالات
تمهيد
إذا كان الناس في القديم يجادلون الرسل، ويرفضون علومهم، ويعرضون عنهم فإن البشر اليوم في القرن العشرين - حيث بلغت البشرية ذروة التقدم المادي، فغاصت في أعماق البحار، وانطلقت بعيدًا في أجواز الفضاء، وفجرت الذرة، وكشفت كثيرًا من القوى الكونية الكامنة في هذا الوجود - أشدُّ جدالًا للرسل، وأكثر رفضًا لعلومهم، وأعظم إعراضًا عنهم، وحال البشر اليوم من الرسل وتعاليمهم كحال الحمر المستنفرة حين ترى الأسد فتفرّ لا تلوي على شيء، قال تعالى: (فما لهم عن التَّذكرة معرضين - كأنَّهم حمرٌ مُّستنفرةٌ - فرَّت من قسورة) [المدثر: ٤٩-٥١] .
والبشر - اليوم - يأبون أكثر من قبل التسليم للرسل وتعاليمهم اغترارًا بعلومهم، واستكبارًا عن متابعة رجال عاشوا في عصور متقدمة على عصورهم (ذلك بأنَّه كانت تَّأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولَّوا واستغنى الله والله غنيٌّ حميدٌ) [التغابن: ٦] .
واليوم ينفخ شياطين الإنس في عقول البشر يدعونهم إلى التمرد على الله وعلى شريعة الله، ورفض تعاليم الرسل، بحجة أنَّ في شريعة الله حجرًا على عقولهم، وتوقيفًا لركب الحياة، وتجميدًا للحضارة والرقي ّ، وقد أقامت الدول اليوم نظمها وقوانينها وتشريعاتها على رفض تعاليم الرسل، بل إنَّ بعض الدول تضع الإلحاد مبدأ دستوريًا، وهو الذي يسمى بالعلمانية، وكثير من الدول التي
1 / 29