338

الرسول القائد

الناشر

دار الفكر

رقم الإصدار

السادسة

سنة النشر

١٤٢٢ هـ

مكان النشر

بيروت

تصانيف

نفسي بيده، لو أن الناس سلكوا شعبا «١» وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار! اللهم إرحم الانصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار) .
بكى القوم حتى بللوا لحاهم بالدموع، وقالوا: رضينا برسول الله قسما وحظا.
ثم انصرف رسول الله ﷺ، وتفرقوا.
لقد حرصت على أن أنقل هذا الحديث كله، كي أبرز بوضوح الحكمة التي أرادها النبي ﷺ من توزيع أكثر الغنائم على المؤلفة قلوبهم، ولكي يظهر الأسلوب الرائع الذي كان يعالج به النبي ﷺ بعض المشكلات التي تعترضه، وكيف يستطيع بهذه المعالجة الحكيمة التخلص من تلك المشكلات بأسلوب مقنع حكيم.
لقد كان كلامه خارجا عن القلب، لذلك فهو يؤثر في القلب، وقد أوتي عليه أفضل الصلاة والسلام جوامع الكلم.
ثانياو في أسلوب جمع الغنائم من الناس والسيطرة عليها ووضعها في محل واحد، مثال قيّم للسيطرة على الغنائم العسكرية وعدم إفساح المجال لتبعثرها في الأيدي دون مبرر.
جمعت الغنائم في موضع (الجعرانة) بين الطائف ومكة بعيدا عن المواضع الخطرة، وتأمّنت حراستها، وسلم المسلمون كل غنيمة أصابوها الى المسؤول عن جمع الغنائم، حتى الإبرة والخيط.
جاء رجل من الانصار بكبة من خيوط شعر، فقال: (يا رسول الله! أخذت هذه الكبة أعمل بها برذعة بعير لي دبر)، فقال النبي ﷺ: (أما

(١) - شعب: بكسر فسكون، الطريق بين جبلين.

1 / 389