بينكما معرفة قديمة؟ قال: لا. ألم تسمع إلى قوله: (وأحسن بيعي).
قال سعيد بن جبير: إذا قال الرجل للرجل: أحسن بيعي فقد ائتمنه، فلم أكن أبقي من الإحسان شيئًا إلا أتيته؛ لتسلم لي أمانتي (١).
وعن علي بن حفص البزاز قال: كان حفص بن عبدالرحمن شريك أبي حنيفة، وكان أبو حنيفة يجهز عليه، فبعث إليه في رفقة بمتاع، وأعلمه أن في ثوب كذا وكذا عيبًا، فإذا بعته فبيِّن. فباع حفص المتاع ونسي أن يبيِّن ولم يعلم ممن باعه، فلما علم أبو حنيفة تصدق بثمن المتاع كُلِّه (٢).
أخي الحبييب: أين نحن من هؤلاء:
قال مسلمة بن عبدالملك: دخلتُ على عمر بن عبدالعزيز بعد الفجر في بيت كان يخلو فيه بعد الفجر، فلا يدخل عليه أحدٌ، فجاءته جارية بطبق عليه تمرُ صيحاني، وكان يُعجبه التمر، فرفع بكفِّه منه، فقال يا مسلمة، أترى لو أن رجُلًا أكل هذا، ثم شرب عليه من الماء -على التمر طيب- أكان مُزجئه إلى الليل؟ قلتُ: لا أدري. قال: فرفع أكثر منه فقال: هذا؟ قلتُ: نعم يا أمير المؤمنين، كان كافيه دون هذا، حتى ما يُبالي أن لا يذوق طعامًا غيره. قال: فعلامَ يدخل النار؟ قال مسلمة: فما وقعتْ مني موعظة ما وقعتْ
_________
(١) مناقب أبي حنيفة للموفق ١/ ٢٤١.
(٢) تاريخ بغداد ١٣/ ٣٥٨.
1 / 18