الخبيثة أم الخبائث
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة الخامسة. عشر العدد الثامن والخمسون. ربيع الأخر-جمادى الأولى
سنة النشر
جمادى الأخرة ١٤٠٣هـ
تصانيف
ثالثًا: وصفت الآية الخمر بأنها من عمل الشيطان وهو كناية في اللسان العربي وفي الأسلوب القرآني على غاية الفحش ونهاية الشر.
رابعًا: أمرت الآية باجتنابه ومعناه أن تكون الخمر في جانب والمؤمن في جانب ناء منها بحيث لا يقربها فضلًا عن أن يتصل بها فضلًا عن أن يتناولها.
خامسا: علقت الآية على اجتنابه رجاء الفلاح. والفلاح يتضمن السلامة من الخسران والحصول على خيري الدنيا والآخرة وأرشد ذلك إلى أن الاقتراب من الخمر يوقع في الخسران العام المطلق.
سادسًا: أرشدت الآية إلى أثره السيئ في علاقة الناس بعضهم مع بعض، بقطع الصلات. ويعد لسفك الدماء. وانتهاك الحرمات التي عظمها الله.
﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾ .
سابعًا: سجلت الآية أن من آثار الخمر بعد هذا الضرر الاجتماعي ضررًا آخر روحيًا يقطع صلة الإنسان بربه. وينزع من نفسه تذكر عظمة الله عن طريق مراقبته بالصلاة الخاشعة. وتذكر جماله وجلاله، وذلك بما يترك في القلب من قسوة وفي النفس من دنس.
﴿وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ﴾ .
وأخيرًا تختم الآية هذه الجهات كلها بهذا الاستفهام التقريعي الدال على غاية التهديد.
﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ . أي انتهوا وإلا، فعقاب ماحِق لمن لم ينته.
تلك أساليب التحريم التي تضمنتها آية الخمر وأنه لفي الواحد منها ما يملأ قلب المؤمن بربه رهبة من غضبه إذا ما حدثته نفسه أن يقترب من الخمر بما يلوث من نتنه، وهذه الآية آخرها ما نزل في حكم الخمر وهي قاضية بتحريمها تحريمًا مُرْهِبًا.
وأخرج عبد الله بن حميد عن عطاء قال:
أول ما نزل من تحريم الخمر: ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ .
فقال بعض الناس: نشربها لمنافعها، وقال الآخرون: لا خير في شيء فيه إثم.
1 / 184