الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم - جامعة المدينة
الناشر
جامعة المدينة العالمية
تصانيف
يرسل إلى قوم إلا بمعجزة من جنس ما برعوا فيه؛ ليثبت لهم أنه يختلف عنهم، وأنه مرسل من قِبَل ربه ﷾.
مثال: عندما ظن السحرة أنهم بلغوا في هذا الفن منتهاه جاء موسى ﵇ ليُبطله بعصاه، وعندما برع بعد ذلك بنو إسرائيل في الطب جاءهم عيسى ﵇ بما يَعجز الأطباء عنه، فما من طبيب يستطيع أن يُحيي الموتى، فجاء عيسى ﵇ بمعجزة إحياء الموتى، وكذلك الأمراض التي لا علاج لها كالعمى والبرص جاءهم عيسى ﵇ ليبرئ الأكمه والأبرص، فكانت هذه المعجزات الحسية دليلًا على صدق نبوتهم ﵈ وعلى أنهم مرسلون من قبل الله ﷾ كذلك معجزة النبي ﷺ مع العرب، لما ارتقى العرب ذروة الفصاحة والبيان جاءهم القرآن؛ ليعلمهم أن لا قول ولا كلام ولا شيء مما برعوا فيه من فنون الأدب -شعرها ونثرها وسجعها وغيرها من الأرجاز والمسجوع والفنون التي برع فيها العرب أيما براعة- أن كل ذلك لا يضاهي القرآن ولا يشابه القرآن في شيء وأن القرآن نسق يختلف عما يتداولونه في كلامهم وفي آدابهم التي بلغوا فيها القمة ووصلوا إلى أعلى درجاتها.
هذا يتفق فيه الرسل.
إذًا ما الفرق بين القرآن وبين المعجزات الأخر؟
نقول: إن الفرق بين القرآن وبين المعجزات السابقة يتركز في ثلاث نقاط:
الأولى: هي أن معجزة الأنبياء حسية، حسية بمعنى مُشاهدة، يؤمن بها من رآها بعينه، ومن لم يرها قد ينكرها؛ لأنها بالنسبة له خبر إن شاء صدقه وإن شاء رفضه، بمعنى: أنه موسى ﵇ مع قومه شاهدوا أن البحر قد انشق وأنه
1 / 12