218

الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم - جامعة المدينة

الناشر

جامعة المدينة العالمية

تصانيف

يرجع أيضًا الغرابة إلى الفهم الخاطئ لألفاظ القرآن الكريم، وذلك قد يكون عن حسن قصد، وذلك كما حدث مع بعض أصحاب النبي ﷺ كذلك الذي أنه ظن من قوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ (البقرة: ١٨٧) فأتى بِعُقالين ووضعهما تحت وسادته، والآخر في رواية: من ربط رجليه بخيطين أبيض وأسود، وظل ينظر حتى يتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ذلك الثابت في الصحيح من الأحاديث، وعلق عليه النبي ﷺ بقوله: «إن وسادك إذًا لعريض» لأن أين هذا الوساد الذي يشمل المشرق والمغرب حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر؟
كذلك ما فهمته عائشة ﵂ من قوله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾ (الانشقاق: ٨) فهمت أن هناك حسابًا واقعًا ولكنه حساب يسير، ففهمه النبي ﷺ أن الحساب هو العَرْض، وأنه لا يناقَش أحد الحساب إلا عُذِّب أو إلا هلك كما ذكر في الصحيح.
يرجع ذلك أيضًا إلى قضية العموم والخصوص، والمطلق والمقيد، والمجمل والمبين، والمبهم والمبين، كل ذلك مذكور ومعروف في كلام الله ﷾ هذا الذي عده البعض من الأشياء الغريبة في الاستعمال، والتي أحدثت لأصحاب الرسول ﷺ نوعًا من اللبس، أو عانَدَ بها مَن لم يؤمن برسول الله -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-.
الخلاصة: أننا نقصد بالغريب ما قل دورانه على الألسنة، فلم يستعمله الخطباء ولا الشعراء استعمال غيره من الألفاظ، ولم يكن ما نسميه -الآن- غريبًا بغريب عند هؤلاء الذين تحداهم القرآن، فلم يكن استخدامه حينئذٍ معيبًا ولا مستكرهًا.

1 / 242