التفسير اللغوي للقرآن الكريم

مساعد الطيار ت. غير معلوم

التفسير اللغوي للقرآن الكريم

الناشر

دار ابن الجوزي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٢هـ

تصانيف

التفْسِيرُ اللُّغَوِيُّ لِلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ مساعد بن سليمان بن الطيار، ١٤٢١هـ فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر الطيار، مساعد بن سليمان بن ناصر التفسير اللغوي للقرآن الكريم. - الرياض. ٧٣٤ ص؛ ١٧ × ٢٤سم ردمك: ١ - ٦٨٢ - ٣٨ - ٩٩٦٠ ١ - القرآن - التفسير الحديث ٢ - القرآن النحو ٣ - القرآن - الصرف ت اعنوان ديوي ٢٧٧.٣٦٦ ٤٦٠٩/ ٢١ رقم الإيداع: ٤٦٠٩/ ٢١ ردمك: ١ - ٦٨٢ - ٣٨ - ٩٩٦٠ جميع الحقوق محفوظة ١٤٣٢هـ التفْسِيرُ اللُّغَوِيُّ لِلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ د. مساعد بن سليمان بن ناصر الطيَّار الأستاذ المساعد بكلية المعلمين بالرياض دار ابن الجوزي

1 / 1

-[عرض كتاب التفْسِيرُ اللُّغَوِيُّ لِلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ]- (*) د. مساعد بن سليمان بن ناصر الطيَّار الأستاذ المساعد بكلية المعلمين بالرياض دار ابن الجوزي عرض: عمرو الشرقاوي عرض موجز: موضوع التفسيرِ اللُّغويِّ موضوعٌ طويلٌ حاول الشيخ المؤلف أن يلملم أطرافهن عبر بحث عدة مسائل، وقد استلب منه أطرافًا رأى أنها جديرةٌ بالبحثِ والتَّحريرِ، فكان منها: التفسيرِ اللغوي عند السلفِ وعند اللغويين، ومكانة التفسير اللغوي، ومصادره، وآثار تعدد مدلولات اللفظ في اللغة في اختلاف المفسرين، واتخاذ المبتدعة هذا التعدد في دلالات الألفاظ أداة لإثبات بعض تحريفاتهم وأخطائهم، وغيرها من المسائل التي تتعلق بالتفسير اللغوي. عرض الكتاب: بدأ المؤلف كتابه بالتأكيد على أن لغة العرب من أهمِّ المصادر وأوثقها في معرفة كلام الله تعالى. وكون هذا الموضوع؛ أي: التفسير اللغوي، طويل جدًّا، لا تحويه مثل هذه الرسالة، لتعدد جوانبه، وكثرة تشعباته، ووفرة معلوماته ومصادره، فقد ينفتح لبعض الناس من أبوابه ما لا ينفتح للآخر، وكلها تدخل تحت مسمى التفسير اللغوي، فليست تسميتي له بهذا العنوان دالَّة على استقصاء جوانبه كلِّها، ولا هي مثبِّطةٌ من أراد أن يبحث فيه؛ إذ في البحث فيه متسعات لا متَّسع. وقد عرض في المقدمة خِطَّة البَحثِ، ومكوناته. وفي الفصل الأول: التفسير اللغوي ومكانته، بحث أولًا تعريف التفسير اللغوي، كما بحث مكانة التفسير اللغوي. وانتهى بعد التعرف على مصطلحات البحث إلى أن التفسير اللغوي: بيان معاني القرآن بما ورد في لغة العرب. وأن المراد بما وردَ في لغةِ العربِ: ألفاظُها وأساليبُها التي نزلَ بها القرآنُ.

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا العرض ليس في المطبوع، ومصدره الموقع الرسمي للمؤلف - حفظه الله -.

كما ذكر عدة أمثلة تدلُّ على أثرِ الغفلةِ عن دلالةِ اللَّفظِ، أو جهلِ معناه في لغة العرب، وأنَّ كلَّ منْ فَسَّرَ القرآنَ، وهو جاهلٌ بلغةِ العربِ، أو سالكٌ غيَر طريقِها، فإنه قدْ وقعَ في الخطأِ الأكيدِ، وجانبَ الصوابَ. كما نبه أنَّ اللغةَ ليست المصدرَ الوحيدَ الذي يمكنُ لمنْ أحكمَهُ أنْ يفسرَ القرآنَ، إذْ لاَ بُدَّ للمفسِّرِ منْ معرفةِ مصادرَ أُخرَى يعتمدُ عليها في تفسيرِه. وفي الفصل الثاني: نشأةُ التَّفسيرِ اللُّغويِّ، بحث التفسيرُ اللُّغويُّ عند السَّلفِ، والتَّفسيرُ اللُّغويُّ عند اللُّغويِّين. ونبه أنَّ السَّلفَ من الصحابةِ والتَّابعينَ وأتباعِهم كانوا يرجعون إلى لغتِهم العربيَّةِ لبيانِ القرآنِ، حيثُ كانت أحدَ مصادرِهِم التي يعتمدونَ عليها في التَّفسيرِ. ثم تعرض لطريقة السَّلفِ في التَّفسير اللُّغويِّ، وكون البيان اللَّفظي في تفسيرِ السَّلفِ واضحًا، وأنه قد برزَ عندَ السَّلفِ الاهتمامُ بالمدلولِ السِّياقيِّ للَّفظِ، وأنه موجودٌ عندهم في كتبِ الوجوهِ والنَّظائرِ. وذكر عدة أمثلة تظهر علاقة هذينِ العلمينِ (الوجوه والنظائر، وكليات الألفاظ القرآنية) بالتَّفسيرِ اللُّغويِّ، وأنَّ المفسِّرَ الذي يسلكُ هذا السَّبيلَ لا بُدَّ أنْ يكونَ معتمدًا على اللُّغةِ، وإن لم يَنُصَّ على ذلك. كما بين في التَّفسيرُ اللُّغويُّ عند اللُّغوِيين، تعريف اللغويين، ووقت ظهور المصطلح، وبين أنَّ مشاركة اللُّغويينَ في التفسيرِ كانتْ على قسمين: الأول: مشاركة غير مباشرة في تفسيرِ القرآنِ. والثاني: مشاركة مباشرة في تفسيرِ القرآنِ، وتحدَّث عن كلِّ قسمٍ على حِدَةٍ. كما تعرض لأظهر الموضوعات التي أبدعَها اللُّغويُّون في التَّفسيرِ زيادةً عن الَّذي جاءَ عنِ السَّلفِ ﵃. وفي الفصل الثالث: مسائل في نشأة التفسير اللغوي، ذكر عدة مسائل، وهي كالتالي:
المسألة الأولى: في سَبْقِ السلفِ في علمِ التَّفسيرِ. المسألة الثانية: شمولُ التَّفسيرِ بين السَّلفِ واللُّغويِّين. المسألة الثالثة: في الاعتمادِ على اللُّغةِ. المسألة الرابعة: في الشَّاهِدِ الشِّعريِّ. المسألة الخامسة: في علمِ الوجوهِ والنَّظائرِ. المسألة السادسة: التَّفسيرُ اللُّغويُّ بين البصرةِ والكوفةِ. وفي الباب الثاني: مصادر التفسير اللغوي، وقد بحث فيه: المصدرُ الأوَّلُ: كتبُ التَّفسيرِ. المصدرُ الثاني: كتبُ معاني القرآنِ. المصدرُ الثالثُ: كتبُ غريبِ القرآنِ. المصدرُ الرابعُ: كتبُ معاجمِ اللُّغةِ. المصدرُ الخامسُ: كتبٌ أخرى لها علاقة بالتفسير اللغوي. ونبه في الأخير أن العلوم الإسلاميَّة علومٌ مترابطةٌ في البحثِ، ولا يمكنُ البحثُ في علمٍ منها دونَ الاستفادةِ منْ غيرِهِ من العلومِ التي تَخدِمُهُ؛ فالفَقِيهُ - مثلًا - يحتاجُ معَ الإلْمَامِ بالقضايا الفقهيَّةِ إلى علمِ السُّنَّةِ وإلى معرفةِ تفسيرِ القرآنِ، ومعرفةِ اللُّغةِ العربيَّةِ. وكذا منْ يكتبُ في علمِ الوقفِ والابتداءِ في القرآنِ، يحتاجُ إلى معرفةِ علمِ التَّفسيرِ وعلمِ النَّحْوِ، وهكذا. وفي الباب الثالث: آثار التفسير اللغوي وقواعده، وفيه ثلاثة فصولٍ: الفصل الأول: أثرُ التَّفسيرِ اللُّغويِّ في اختلافِ المفسرينَ. الفصل الثاني: أثرُ التَّفسيرِ اللُّغويِّ في انحرافِ المفسرينَ. الفصل الثالث: قواعدُ في التَّفسيرِ اللُّغويِّ، وفيه: أولًا: كل تفسير لغوي وارد عن السلف يحكم بعربيته، وهو مقدم على قول اللغويين. ثانيًا: إذا ورد أكثر من معنى لغويٍّ صحيح تحتمله الآية، جاز تفسير الآية بها. ثالثًا: لا يصح اعتماد اللغة وحدها دون غيرها من المصادر التفسيرية. رابعًا: لا تعارض بين التفسير اللغوي والتفسير على المعنى. ومن أبرزِ نتائجِ هذا البحثِ التي يحسنُ تدوينُها:
* أنَّ مفسِّري السلفَ قد سبقوا اللُّغويِّينَ في التفسيرِ عمومًا، وهذه النتيجةُ مع يسرِها وسهولتِها، تجدُ من يغفلُ عنها عندَ بحثِه عن معاني ألفاظ القرآنِ، أو ألفاظِ اللُّغةِ، ويعمدُ إلى أقوالِ اللُّغويِّين الذين تأخروا عنهم وجاءوا بعدهم، وهذا فيه من القصورِ في البحثِ ما فيه. * أنَّ التَّفسيرَ اللُّغويَّ جزءٌ من علمِ التَّفسيرِ، ولذا لا يمكنُ أن يخلوَ منه كتابٌ في التَّفسيرِ، إلاَّ أنْ يكونَ من التَّفاسيرِ المنحرفةِ التي لا تعتمدُ على لغةِ العربِ في بيانِ القرآنِ؛ كتفاسيرِ الباطنيَّةِ والصُّوفيَّةِ والفلاسفةِ وغيرها. وأنَّه من أكبرِ مصادرِ التَّفسيرِ، وهذا ظاهرٌ لمنْ يقرأُ مدوَّناتِ التَّفسيرِ؛ كتفسيرِ الطَّبريِّ (ت:٣١٠)، وتفسيرِ ابن عطيَّةَ (ت:٥٤٢) وغيرِهما. وهذا يعني أنَّ المفسِّرَ يحتاجُ إلى تعلُّمِ اللُّغةِ خاصَّةً، ليُفيدَ في تفسيرِ القرآنِ، وفي بيانِ وجهةِ كثيرٍ من أقوالِ المفسِّرينَ، وفي بيانِ خطأ من خالفَ لغةِ العربِ وفسَّرَ بما لا يوجدُ فيها.
ولقدْ كانَ الطبريُّ بتحريراتِه اللُّغويَّةِ من أبرزِ المفسِّرينَ الذين يمكنُ أن يُستدلَّ بهم في أهمية معرفةِ اللُّغةِ العربيَّةِ للمفسِّرِ، ولقد كانَ بتحريراتِه هذه في مصافِّ أقرانِه اللُّغويِّينَ الذي عاشوا في عصرِه، ومن العجيبِ أنَّ هذا العَلَمَ الجهبذَ لا يوجدُ عنه نقلٌ في مدوَّناتِ اللغة التي كُتِبتْ بعدهُ؛ كتهذيبِ اللُّغةِ ولسانِ العربِ وغيرِها، مع أنَّه كانَ في بغدادَ عاصمةِ العلمِ آنذاك، وكان معاصرًا لجمعٍ من اللُّغويِّينَ الذينَ دوَّنوا اللُّغةَ، ونُقلتْ أقوالُهم، واعتُمدت، وأذكرُ - على سبيلِ المثالِ، لا الحصرِ - أبا الحسن عليَّ بنَ الحسنِ الهُنائيَّ، المشهورَ بكُرَاعِ النَّملِ (ت:٣١٠)، الذي ألَّفَ كتاب المنجدِ في اللغةِ، وكتاب المنتخب من غريب كلامِ العربِ، ولاحظَ محقِّقو هذين الكتابينِ أنَّ معاني بعضِ الألفاظ تحكى عنه دونَ غيرِه، فهو أعلى مصدرٍ في هذه المعلوماتِ، وينقُلها عنه المتأخِّرونَ على سبيلِ القبولِ، وأنَّ اسمَه كثيرَ التَّردُّدِ في كتابِ المحكمِ ولسانِ العربِ وغيرِهما. فهذا العَلَمُ اللُّغويُّ المعاصرُ للطبريِّ (ت:٣١٠) قد حُكيتْ عنه معاني بعضِ الألفاظِ، أمَّا الطبريُّ (ت:٣١٠)، فيندرُ أنْ يُحكى اسمُه في كتبِ اللُّغةِ، وهذا يعني عدم اهتمامِ من ألَّفَ في اللُّغةِ بالنَّقلِ عن المفسِّرينَ. وقد ظهرَ لي أنَّ هذه النَّتيجةَ تنساقُ على جلِّ المفسرِّينَ من السَّلفِ وغيرِهم، حيثُ يَقِلُّ ذكرُ أعيانِ مفسِّرِي السَّلفِ في كتبِ اللُّغويين، كما لم يستفيدوا - أي: أهل اللُّغةِ - من كتبِ الوجوهِ والنَّظائرِ التي دوَّنها أتباعُ التَّابعينَ، وفي ذلكَ قصورٌ لا يخفى على من تأمَّلَه. * أنَّ أغلبَ البحثِ اللُّغويِّ في كتب اللُّغويِّينَ: من معاني القرآنِ، وغريبِه، ومعاجمِ اللُّغةِ، وغيرها من المدوناتِ اللُّغويَّةِ، كان منصبًا على بيانِ معاني المفرداتِ.
وقد ظهرَ لي أنَّ كتبَ معاجمِ اللُّغةِ، وكتبَ شروحِ الأحاديثِ والأشعارِ وغيرِها من الرَّسائلِ اللُّغويةِ الأخرى؛ ككتب الأضدادِ وغيرِها، ظهرَ لي أنها لا تختلفُ في منهجِ البحثِ عن كتبِ غريبِ القرآنِ، لذا، فإنه لو جُرِّدَ ما يتعلَّقُ بالتَّفسيرِ في هذه الكتبِ فإنَّها لا تعدو أنْ تكونَ كتابًا في غريبِ القرآن. وتجريدُ ما يتعلَّقُ بالتَّفسيرِ من هذه الكتب مطلبٌ يحرصُ عليه الباحثُ في التَّفسيرِ؛ لأنَّه يقرِّبُ له المعلومةَ من مواضعَ لا يتوقَّعُ وجودها فيها، وهذا من البحوثِ اليسيرةِ المفيدةِ التي يمكنُ أن يقومَ بها طلاَّب الكلِّيَّةِ أو الدراساتِ العليا، يخرجونها ويقومون بدراستها، ومن ثَمَّ تُخرجُ في كتابٍ مستقلٍّ، والله الموفِّقُ. * ومما ظهرَ لي في هذا البحثِ أنَّ الكتبَ التي درستُها في معاني القرآنِ، كانَ قصدُ مؤلِّفيها إبرازَ مذهبِهم النَّحويِّ، لذا طغتْ هذه البحوثُ النَّحويَّةُ على بيانِ المفرداتِ في هذه الكتبِ. * وقد ظهرَ لي أثرُ معتقدِ المؤلِّفِ على بحوثِه في التَّفسيرِ اللُّغويِّ، وأنَّ معرفَة هذا المعتقدِ ضروريَّةٌ للباحثِ، ويمكنُ أن يتتبَّعها من خلالِ كتاباتِ المؤلِّفِ. كما ظهرَ لي في هذا المجالِ أنه لا يلزمُ أن يكونَ ما قيلَ في كتبِ التراجمِ من عقيدةِ المؤلِّفِ صحيحًا، بل قد يكونُ مما أُلصقَ به لسببٍ من الأسبابِ التي قد تخفى على الباحثِ، ولا يتبيَّنُ ردُّ هذه التُّهمةِ عنه إلاَّ بجردِ كتابِه وبيانِ ما قاله مما يخالفُ ما وُصِمَ به. وأعيدُ هنا: أنَّ الباحثينَ بحاجةٍ إلى منهجٍ تطبيقيٍّ يبيِّنُ لهم سبيلَ الاستفادةِ من المعلومات التي تُذكرُ في تراجمِ بعض الأعلامِ؛ لأنَّ بعضهم يأخذُ هذه المعلوماتِ مسلَّماتٍ لا تقبلُ الجدلَ والنِّقاشَ، ويبني عليها نتائجَ لا يخالِفُها الصوابُ - غالبًا - عند التنقيبِ والتَّحريرِ، وقد مرَّ في البحثِ أمثلةٌ لهذا، والله الموفِّقُ.
* لقد كان البحثُ في الاختلافِ بسببِ اللُّغةِ شيِّقًا في شقِّهِ الأوَّلِ، وهو بيانُ ما للاختلافِ بسبِبها من إثراء التَّفسيرِ، كما كانَ فيه معرفةُ وجهةِ الأقوالِ وأسبابِها، مما يجعلُ الباحثَ مدركًا للاختلافِ، وعارفًا بما يمكنُ حملُه على الآيةِ وما لا يمكنُ. أمَّا الشِّقُ الثاني، وهو اتخاذُ اللُّغةِ طريقًا إلى الانحراف بالتَّفسيرِ، فكانَ موضوعًا صعبًا، وهو محتاجٌ إلى دراسةٍ مستقلَّةٍ، أرى أنَّه لا بدَّ منها. وقد ظهرَ لي في هذا المبحثِ أنَّ من أهمِّ أسبابِ الانحراف في التفسيرِ اللُّغويِّ الاعتمادَ على العقلِ المجرَّدِ، والانتصار للمذهبِ العقديِّ، وقد ساعدَ على ذلكَ سَعَةُ العربيَّةِ. وإنَّ مما يدلُّ على هذه المسألةِ، ما أحدثَه بعضُهم من معانٍ لغويَّةٍ مولَّدةٍ، لا تعرفُها العربُ، ولم يكنْ من منطقِها، ومن أشهرِ الأمثلةِ عليها تفسيرُ معنى الاستواءِ بالاستيلاءِ. * ولما كان هذا حالُ اللُّغةِ العربيَّةِ من السَّعةِ، صار فيها إثراءٌ للمعاني المحتملةِ في التَّفسيرِ، كما صارَ فيها طريقًا لإثباتِ بعضِ المبتدعةِ بدعَهم بها، وبهذا تكونُ سَعَةُ اللُّغةِ العربيَّةِ سلاحًا ذا حدَّينِ، لذا فإنَّ الأمرَ يحتاجُ إلى ضوابطَ يُتبيَّنُ بها معرفةُ الصَّحيحِ من السَّقيمِ من هذه المحتملاتِ اللُّغويَّةِ، وهذا ما بحثتُه في القاعدةِ الثانيةِ من (قواعد في التفسيرِ اللُّغويِّ)، وقد استنبطتُ لهذه المحتملاتِ ضوابطَ أرجو أن أكونَ قد وُفِّقتُ فيها إلى الصَّوابِ. كما بيَّنتُ فيها أنَّ معرفَة اللُّغةِ العربيَّةِ ضروريٌّ لمعرفةِ مخالفةِ من يفسِّرُ القرآنَ بغيرِها، وأنَّها سلاحٌ يُشهرُ في وجهِ من يبتدعُ معاني لا تعرفها العربُ؛ ذلكَ لأنَّ القرآنَ عربيٌّ، ولا يمكنُ أن يُفسَّرَ بدلالةِ ألفاظِ غيرِها، وهذا فيه من التَّجنِّي والتَّقوُّلِ على الله بغيرِ علمٍ ما لا يخفى.
* وعقدت قاعدةً بعنوانِ: (لا يصح اعتمادُ اللُّغةِ دونَ غيرِها من المصادرِ التَّفسيريَّةِ)، وقد بيَّنتُ فيها أنَّه مع ما للُّغةِ من الأهميَّةِ في فهمِ القرآنِ والردِّ على انحرافاتِ بعضِ التَّفاسيرِ، فإنها لا تعتبرُ المصدرَ الوحيدَ، بل هناكَ ما يُقدَّمُ عليها عند الاختلافِ في فهم معنى الآيةِ، فسببُ النزولِ يبيِّنُ المعنى المحتملَ من دلالاتِ اللفظِ اللُّغويِّ، ولذا لا يصحُّ أن يُحملَ المعنى على غيرِ ما يدلُّ عليه سببُ النُّزولِ. والمعنى الشَّرعيُّ مقدَّمٌ على المعنى اللُّغويِّ، إذا تعارضا في مثالٍ ما؛ لأنَّ الشارعَ معنيٌّ ببيانها، لا ببيانِ المعنى اللُّغويِّ. وكذا تفسيرُ السَّلفِ يدلُّ على المعنى المراد من المعاني المحتملةِ، فما ناقضَه من المعاني رُدَّ، ولو كانَ لغويًّا، وقد بيَّنتُ هذا باستفاضةٍ في القاعدةِ الأولى: (كل تفسير لغوي وارد عن السلف يُحكم بعربيته، وهو مقدم على تفسير اللغويين)، وبيَّنتُ فيها أنَّ الواردَ عن السلف حجةٌ في بيان اللغةِ. وقد بيَّنتُ في نهايةِ قاعدة: (لا يصحُّ اعتماد اللُّغةِ دونَ غيرِها من المصادرِ التَّفسيريَّةِ)، بيَّنتُ قاعدةً ناشئةً عنها، وهي: أنه ليس كلُّ ما وردَ في اللُّغةِ يلزمُ ورودُه في القرآنِ، وذكرتُ قولَ بعضِ العلماءِ في هذا، وما ردَّه بعضُهم من التَّفسيراتِ بناءً على هذه القاعدةِ. * وفي القاعدة الرابعة بيَّنتُ أنَّه حينما يأتي تفسيرٌ عن السلفِ لا تجدُه في معاجم اللُّغةِ، فلا تتسرَّعَ في ردِّه؛ لأنَّه قد يكونُ فسَّرَه على المعنى لا على اللفظِ، أو يكونُ دلالةً لغويَّةً جهِلَها اللُّغويونَ ولم ينقلوها.
وبينتُ فيها أنَّه إذا كانَ التفسيرُ الواردُ عن السَّلفِ تفسيرًا على المعنى، فإنه لا يخالفُ التفسيرَ على اللَّفظِ، ومن هذا المنطلقِ؛ فإنَّ معرفةَ طريقةِ السَّلفِ في التَّفسيرِ على المعنى نافعةٌ جدًّا لمن يقرأ في تفسيرهم؛ لأنَّه بمعرفةِ القارىء لهذا النوعِ من التَّفسيرِ تزولُ عنه مشكلاتٌ كثيرةٌ يراها في تفسيرِ السلفِ، قد يخطِّئها، ولو كان على علمٍ بطريقتِهم هذه، لسهُلَ عليه معرفةُ وجْهَةِ أقوالِهم، ومعرفةُ مخرجها وسبب ذلكَ التَّفسيرِ، وبهذا يكونُ قد أراحَ نفسَه من عناءِ التَّخطئةِ، وتكلُّفِ الرَّدِّ. وأخيرًا: هذه جملةٌ من نتائجِ البحثِ، وهناك غيرُها من النتائجِ الجزئيَّةِ التي تراها منثورةً فيه، والتي ظهرت في فهرسِ مسائل الكتاب العلمية.

صفحة غير معروفة

التفْسِيرُ اللُّغَوِيُّ لِلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ مساعد بن سليمان بن الطيار، ١٤٢١هـ فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر الطيار، مساعد بن سليمان بن ناصر التفسير اللغوي للقرآن الكريم. - الرياض. ٧٣٤ ص؛ ١٧ × ٢٤سم ردمك: ١ - ٦٨٢ - ٣٨ - ٩٩٦٠ ١ - القرآن - التفسير الحديث ٢ - القرآن النحو ٣ - القرآن - الصرف ت اعنوان ديوي ٢٧٧.٣٦٦ ٤٦٠٩/ ٢١ رقم الإيداع: ٤٦٠٩/ ٢١ ردمك: ١ - ٦٨٢ - ٣٨ - ٩٩٦٠ جميع الحقوق محفوظة ١٤٣٢هـ ٢٠١١م ممم سنة الطبعة دي مش عارف جابها منين اللي عامل الكتاب ده ويا دكتور أنا مش عارف السنة الميلادي للطبعة ممم التفْسِيرُ اللُّغَوِيُّ لِلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ د. مساعد بن سليمان بن ناصر الطيَّار الأستاذ المساعد بكلية المعلمين بالرياض دار ابن الجوزي

1 / 1

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، أنزل خير كتبه على خير رسله، وجعله بلسان عربي مبين، والصلاة والسلام على النبي الأمي العربي، وعلى الآل والصحب الكرام، وعلى التابعين لهم إلى يوم الدين، أما بعد: فإن من سنة الله سبحانه أن يرسل الرسول بلسان قومه، وينْزل عليهم الكتاب بلسانهم، ليفهموا عن الله خطابه ومراده، فيؤمنون به ويصدقونه، ولو كان بغير لغتهم لاحتاجوا إلى ترجمان يبين لهم. ولما كان الأمر كذلك، كانت لغة العرب من أهمِّ المصادر وأوثقها في معرفة كلام الله تعالى، وكان من أهمِّ ما فيها - وهو من بدايات علم التفسيرِ - معرفة دلالات الكلامِ [أي: معاني الألفاظ] التي يدور عليها كثيرٌ من علمِ التَّفسيرِ، ليُعرفَ المرادُ بالخطابِ. وهذا مما لا يسع الجهل به لمن أراد علم التفسير، وبيان معنى كلام الله الخبير، إذ لزامًا عليه أن يعرف مدلولات الألفاظِ، ويستشرح معانيها من مصادرها المعتمدةِ. من رام معرفة مدلولاتها من غير لغته، أو اعتمد معاني محدثة أو مولَّدة أو مصطلحاتٍ ليست من لغته = كان من أهل التَّحريفِ والزَّيغِ؛ كمن فسَّر «استوى» بأنه «استولى»، ولست تجد هذا المعنى محكيًّا عن العربِ، أو من فسَّرَ الذَّرَّةَ الواردة في القرآن على أنها الذَّرَّةُ التي يحكيها علماء الفيزياء والكيمياء. واللغةُ سدٌّ منيع لمن أراد أن يفسِّر كلام الله بما لا يعرفُ معناه إلاَّ

1 / 5

خواصُّ من الناس كما يزعم كثيرٌ من الغلاة من الروافض والباطنية والصوفيَّةِ والفلاسفةِ وغيرهم، فمن أورد معنى لا تعرفه العرب كان ذلك مما يدلُّ على بطلانه، إذ المعاني محدودة محصورةٌ، ومدونة مشهورة، لا يمكن أن يزاد فيها ما ليس منها (١)، فمن فسَّر الحجارةَ بالبَرَدِ، لزمه صحةُ النقلِ عن العربِ في أنهم يطلقون هذا على هذا، وإلا رُدَّ قوله ولم يُقبلْ. وبهذا تكون اللغة التي ثبتت حتى عصر الاحتجاج بنقل العدول من علماء التفسير واللغة وغيرهم = هي اللغة التي يُرجع إليها في تفسير كلام الله، وما عداها لا يُعتمدُ عليه، ولا يوثق به. وإذا تأمَّلت تفسيرَ القرآنِ في الآثارِ المنقولةِ عن الصحابة أو التَّابعين أو أتباعهم، وفرزت كلَّ نوع من هذه الآثار المنقولةِ، فإنَّك ستجد ما كان مرجعه اللغة له الحظُّ الأوفرُ، والنَّصيبُ الأكثرُ. بل ستجدُ أنَّ تعدُّدَ مدلولاتِ لفظٍ من ألفاظِ القرآنِ في لغةِ العربِ كان سببًا في اختلافِ المفسرينِ، فمنهم من اجتهد رأيه واعتمد معنًى، ومنهم من اجتهد رأيه واعتمد معنًى آخر، وكلاهما كان معتمده الأول ورود هذا المعنى في لغة العربِ، ثمَّ صحَّةُ حمل هذا اللفظِ على الآيةِ. وشرح هذا وغيره مكانه هذه الرِّسالةُ التي بين يديك. ولما كان الأمرُ في هذا المصدر المؤثِّرِ في التفسير ما ذكرتُ لك طرفًا منه، فإنِّي قد عمدت إلى هذا الموضوعِ الطويلِ، واستلبتُ منه أطرافًا رأيت أنها جديرةٌ بالبحثِ والتَّحريرِ، فكان منها: التفسيرِ اللغوي عند السلفِ وعند اللغويين، ومكانة التفسير اللغوي، ومصادره، وآثار تعدد مدلولات اللفظ في

(١) المراد هنا تفسير المفردات والجمل والتراكيب، أما الاستنباط فليس له حدٌّ؛ لأنه يعتمدُ على العقلِ، وهو يأتي بعد التفسيرِ وبيان المعنى، وقد بيَّنت ذلك في مؤلَّفٍ، أسأل الله أن ييسر خروجه.

1 / 6

اللغة في اختلاف المفسرين، واتخاذ المبتدعة هذا التعدد في دلالات الألفاظ أداة لإثبات بعض تحريفاتهم وأخطائهم، وغيرها من المسائل التي تتعلق بالتفسير اللغوي. وهذا الموضوع؛ أي: التفسير اللغوي، طويل جدًّا، لا تحويه مثل هذه الرسالة، لتعدد جوانبه، وكثرة تشعباته، ووفرة معلوماته ومصادره، فقد ينفتح لبعض الناس من أبوابه ما لا ينفتح للآخر، وكلها تدخل تحت مسمى التفسير اللغوي، فليست تسميتي له بهذا العنوان دالَّة على استقصاء جوانبه كلِّها، ولا هي مثبِّطةٌ من أراد أن يبحث فيه؛ إذ في البحث فيه متسعات لا متَّسع. ولعل من المعلوم لدى الباحثين أن من أراد الكتابة في موضوع كثير الذيول لا يمكنه أن يصل في كل مسائله إلى كل شيء، بل قد يَغفلُ عما يراه غيره أولى وأفضل، ويَعْيَا عما يجب أن يُكتب فيه ويُكمل، ويُنقِصُ في مكان بسبب تزاحم المسائل عليه. وكلما كان البحث محدَّدًا دقيقًا في مسائل يمكن استجلابها وتحريرها بعينها دون الدخول في تفصيلات - ولو كانت من عيون مسائل الموضوع العامِّ - كان الوصول إلى تحقيق هذه المعلومات أحرى وأجدى. وكم من بحث يَصِلُ صاحبُه إلى الكَلال عند صُلبِ موضوعِه بسبب انشغاله بالنَّقل والتَّكميل لموضوع سبقه إليه السابقون، وحرَّره العارفون، فإذا وصل إلى ما هو من صلب بحثه وصميمه، ضعفت همَّتُه، وكلَّ قلمه، واعتلَّ تفكيرُه، فكان يرقِّعُ لئلا تبلغه مدَّة انتهاء البحث، فيخرجُ بحثًا ذا عورٍ، لا يَشفي مبتغيه، ولا يُرضي مُبْتَليه، وصاحبه إلى أن يتبرَّأ منه أحبُّ إليه من أن يَقتنيه، فضلًا عن أن ينسبه إليه ويدَّعيه. لذا كان من أكبر العقبات التي في هذا البحث كثرةُ المسائل المتشعِّباتِ، واحتياجُها إلى التفكير والتنقيب والتحرير، ففي هذا البحث مسائل لم يُسبق إلى بحثها.

1 / 7

والمقصود أن يُرام في البحوث التَّحديد، وأن لا يكون طول البحوث مرادًا على كيفيَّتها والقدرة على تحريرها، وأن يكون البحثُ - ولو كان قصيرًا - معتَبرًا بما قدَّم من جديدٍ في التأليف وحسن التصنيفِ من جمع متفرِّقٍ مفيدٍ، أو ابتكار معلومٍ جديدٍ، أو اعتراضٍ على خطأ منتشر، أو غيرها مما هو داخل في حيِّزِ الابتكار، خارجٍ عن النقل والرَّصفِ والتكرارِ بلا عقلٍ ولا رأي. هذا .. وقد بحثتُ في حيثيَّةِ كونِ اللُّغةِ مصدرًا من مصادرِ التَّفسيرِ = جملةً من المسائلِ، منها: * كيفَ كان التَّفسيرُ بها؟ * كيف اعتمدها السَّلفُ واللُّغويُّون، وما مصادرُ من أرادَ الاستفادةَ من تفسيرِ القرآنِ باللُّغةِ. * ما ضوابطُ التَّفسيرِ بها عند الاحتمالِ؟. * مسألةُ تفسيرِ السَّلفِ ومدى الاستفادةِ منه في البحثِ اللغويِّ، وكنت أظنُّ أن أجد لأعلامِ المفسِّرينَ ذكرًا كثيرًا في كتبِ اللُّغةِ كما هو الحالُ في ذكرِ أعلامِ اللُّغويِّينَ، ولكن من خلالِ ما قرأته من كتب اللغة وجدت أنَّه لم يكن لكثير من اللُّغويينَ عناية بنقل تفسيرِ السَّلفِ، ولم يعتمدوا عليه في بيان مدلولاتِ ألفاظِ اللُّغةِ، ولا في بيان الألفاظِ القرآنيةِ التي يفسِّرونها. * لماذا ارتبطَ التفسيرُ اللُّغويُّ باللُّغويِّينَ، وصارَ الفرَّاء (ت:٢٠٧)، وأبو عبيدة (ت:٢١٠) وغيرهما المقدَّمينَ فيه، وأُغفلَ تفسيرُ السَّلفِ اللغويِّ؟ * لو اعترضَ لغويٌّ على تفسيرِ أحدِ السَّلفِ من جهةِ اللُّغةِ، فأيهما يقدَّمُ؟ أيقدَّمُ قولُ اللُّغويِّ؛ لأنَّه صاحبُ تخصُّصٍ، أم يقدَّمُ قولُ الواحدِ من مفسِّريِّ السَّلف؛ لأنهم أهل اللغةِ وفي عصر الاحتجاج؟

1 / 8

إلى غير ذلك من المسائلِ التي ستجدها مسطَّرةً في هذا البحثِ. ولقد كانت الفكرةُ الأولى أن أطرح هذه المسائلِ من خلالِ كتابٍ من كتبِ اللُّغةِ، بحيثُ أجعلُها مقدمةً للبحثِ في تفسيرِ لغويٍّ من اللُّغويِّين، أجمعُ أقوالَه في التَّفسيرِ وأدرسها، وبهذا يتسنَّى لي بحثُ بعضِ هذه المسائلِ، فرأيتُ أن أجمع تفسيرَ أبي بكر محمد بن القاسم بن بشَّار الأنباريِّ (ت:٣٢٨)، وقدَّمتُ له ببعضِ هذه الأفكارِ التي كانت تراودني في موضوع التَّفسيرِ اللغويِّ، وعرضتُ هذا الموضوعَ بعد جمعه، على الأستاذ الدكتور محمد بن عبد الرحمن الشَّايع إبَّان رئاستِه لقسم القرآنِ وعلومه عام (١٤١٦)، فأشارَ عليَّ أن أبسُطَ البحثَ في البابِ الذي جعلتُه في التَّفسيرِ اللُّغويِّ، وأن أتركَ جمع تفسيرِ ابن الأنباريِّ (ت:٣٢٨)، فأخذتُ برأيه، واستعنتُ اللهَ على هذا الموضوعِ، وسمَّيتُه: التَّفسيرُ اللغويُّ للقرآنِ الكريم خِطَّةُ البَحثِ: هذا البحث مكوَّنٌ منْ: ١ - المقدمة. ٢ - أبوابُ الرسالةِ، وهي: البابُ الأولُ: التفسير اللغوي مكانتُهُ ونشأتُه وفيه ثلاثةُ فصولٍ: الفصل الأول: التفسيرُ اللغويُ ومكانته. وفيه مبحثان: المبحث الأول: تعريف التفسير اللغوي. المبحث الثاني: مكانة التفسير اللغوي. الفصل الثاني: نشأة التفسير اللغوي.

1 / 9

وفيه: أولًا: التفسير اللغوي عند السلف. ثانيًا: التفسير اللغوي عند اللغويين. الفصلُ الثالث: مسائل في نشأة التفسير اللغوي. الباب الثاني: مصادر التفسير اللغوي وفيه: ١ - كتب التفسير. ٢ - كتب معاني القرآن. ٣ - كتب غريب القرآن. ٤ - كتب معاجم اللغة. ٥ - كتبٌ أخرى. الباب الثالث: آثار التفسير اللغوي وقواعده وفيه ثلاثة فصول: الفصل الأول: أثر التفسير اللغوي في اختلاف المفسرين. الفصل الثاني: أثر التفسير اللغوي في انحراف المفسرين. الفصل الثالث: قواعد في التفسير اللغوي. أولًا: كل تفسير لغوي ثابت عن السلف يحكم بعربيته، وهو مقدم على قول اللغويين. ثانيًا: إذا ورد أكثر من معنى لغويٍّ صحيحٍ تحتملُه الآيةُ، جازَ تفسير الآية بها. ثالثًا: لا يصح اعتماد اللغة وحدها دون غيرها من المصادر التفسيرية. رابعًا: لا تعارض بين التفسير اللغوي والتفسير على المعنى. ٣ - الخاتمة، وأذكر فيها أهم النتائج. ٤ - الفهارس الفنية للبحث.

1 / 10

منهج البحث: أولًا: خرَّجتُ الآياتِ، وجعلتُها بين هذين المعقوفين []، سواءً أكانت الآيةُ من نصٍّ منقولٍ، أم كانت من استشهادي ابتداءً. ثانيًا: خرَّجتُ الأحاديث النبوية، وإن كان في أحد الصحيحين اكتفيت به غالبًا. ثالثًا: عزوتُ الأشعارَ، وإذا كان الشِّعرُ في الديوان، اكتفيت بالعزو إليه. رابعًا: عرَّفت أغلبَ الأعلامِ من كتب التراجم، وقد أذكرُ فائدةً في ترجمة العلمِ وجدتها في كُتبِ التَّفسيرِ، وهي غيرُ مدوَّنةٍ في مصادرِ ترجمتِه. وحرصت على إتباعِ كلِّ علمٍ بسنة وفاتِه، وجعلتها بين قوسين صغيرين () في كلِّ مواطن ورودِ العلم، لما رأيت في ذلك من الفائدة في ترتيبهم حسب الوفيات من استقرارِ ذلك في الذهن، ومعرفةِ من سبق بالمعلومةِ منهم. وإذا كان العلم في نصٍّ منقولٍ لم أذكر سنة وفاتِه، إلاَّ أن ينصَّ عليها المنقول عنه. كما قد تختلفُ الأقوالُ في ذكر سنة وفاةِ العَلَمِ، فأذكرُ أحد الأقوالِ، وأسيرُ عليه في البحثِ ما أمكن، وإن وقع عند اختلاف في ذكر سنة الوفاة بين موطن وموطن في هذا البحث، فإنه بسبب ذلك الاختلاف في سنة وفاته؟، وليس قصيدًا منّي أن أذكر هذا الاختلاف في بعض المواطن، مع ملاحظةِ التقارب في الخلافِ بين سنوات الوفاة المختلفِ فيها، ولذا لم أذهبْ إلى تحقيقِ سنةِ وفاةِ كلِّ واحدٍ منهم، لعدم الحاجة إلى ذلك في هذا البحثِ. والتزمت عدم الإشارة إلى التاريخ الهجري بعلامة (هـ)، إلا أن يكون نصًّا منقولًا.

1 / 11

خامسًا: في حالِ إرجاعِ المعلومة إلى معاجم اللغة سلكت الآتي: إن كان المعجم مرتَّبًا على الحروفِ، واضحَ الترتيبِ، سواءً أكان على ترتيب الألفبائي، أم الترتيب على آخر الكلمة، أرجعتُ إلى مادة الكلمةِ. وإن كان غير ذلك - كما في كتاب «العين» و«الجمهرة» و«تهذيب اللُّغةِ» و«مقاييس اللغةِ» - أرجعتُ إلى الجزءِ والصفحةِ، لصعوبة الوصول إلى المادةِ، بسبب صعوبة الترتيبِ في هذه الكتبِ. سادسًا: لما كان موضوع اللُّغةِ في التفسيرِ طويلًا، فإنِّي حرصتُ على أن تكونَ الدراسةُ في نشأة التفسير اللغويِّ ومصادرِه في بدايةِ فترةِ التَّدوينِ اللُّغويِّ؛ لأنَّ غالبَ من جاء بعد هذه المرحلةِ ناقلٌ منها، ولذا حرصتُ على دراسةِ الكتبِ التي كانت في هذه المرحلةِ، فإن لم أجدْ نزلتُ إلى ما بعدها، وجعلتُ الدراسة في ثلاثةِ كتبٍ من كلِّ مصدرٍ من المصادرِ التي قسَّمتُها. سابعًا: جعلتُ هذه الدراسة منصبَّةً على ما له أثرٌ في التَّفسيرِ، وظهرَ لي أنَّ أغلبَ ذلكَ كان في دلالةِ الألفاظِ، وإن كُنتُ ألممتُ بشيءٍ من دلالةِ الصِّيَغِ، وشيءٍ من الأساليبِ العربيةِ كما درسَها المتقدمون من اللُّغويينَ، والتي تشكَّلَ منها - فيما بعدُ - علمُ البلاغةِ، وذلك نظرًا لأثرِها في المعنى. وحرصتُ على بسطِ الأمثلةِ، لتوضيحِ الفكرةِ (١)، كما حرصتُ على ألاَّ أُكثِرَ مما لا أثرَ له من اللُّغويَّاتِ، ولأجلِ هذا تجنَّبتُ الاستطرادَ، وإن كان ثمةَ فوائد ذكرتها في الحاشيةِ، ولم أكثر منها لخروجها عن موضوع البحث. ثامنًا: لم ألتزم - في الغالب - إيرادَ ألقابِ العلماءِ أو التَّرَحُّمَ عليهم، ﵏، وليس ذلك من تنقُّصٍ، وإنما التزامُ ذلك يطولُ ويصعبُ، أسألُ الله لهم المغفرةَ والرحمةَ. أشكرُ كلَّ من كان له عونٌ لي في هذا البحثِ صغيرًا كان جهده أم

(١) قد أُكرِّرُ ذكر بعض الأمثلة في أكثر من موطنٍ لأنه أنسبُ في بيانها.

1 / 12

كبيرًا، وأسأل الله لهم أحسن الجزاء، وأن يوفقهم في الدارين، إنه سميع مجيب (١). وأخيرًا، فما كان في هذا البحث من صوابٍ، فمن اللهِ ﷿، وما كان فيه من خطأ أو زللٍ، فمن نفسي ومن الشيطانِ، وأستغفرُ اللهَ منه، وحسبي أني بذلت جهدي ووسْعي. وأسألُ اللهَ سبحانَهُ أنْ يُوفِّقني للعمل الصالحِ، وأنْ يجعلَ عملي نافعًا لي ولمن يطَّلِعُ عليه، وأنْ يُسدِّدني في كلِّ قولٍ وعملٍ، وآخر دعواي أن الحمد لله ربِّ العالمين.

(١) تمت مناقشة الرسالة مساء الاثنين الموافق ١٢/ ٧/١٤٢١.

1 / 13

الباب الأول التفسير اللغوي: مكانته ونشأته وفيه ثلاثة فصول: الفصل الأول: التفسير اللغوي ومكانته. الفصل الثاني: نشأة التفسير اللغوي. الفصل الثالث: مسائل في نشأة التفسير اللغوي.

1 / 15

الفصل الأول التفسير اللغوي ومكانته وفيه مبحثان: المبحث الأول: تعريف التفسير اللغوي. المبحث الثاني: مكانة التفسير اللغوي.

1 / 17

المبحث الأول تعريفُ التَّفسير اللُّغويِّ قبلَ الولوجِ في تعريفِ مصطلحِ «التَّفسيرِ اللُّغويِّ»، يحسنُ تعريفُ هاتينِ المفردتينِ قبلَ الإضافةِ؛ لكي يكون هذا التعريفُ للمفردتينِ مدخلًا يوضِّحُ المرادَ بمصطلحِ التَّفسير اللُّغويِّ. أولًا: تعريف التفسير: التفسير لغةً: التَّفسيرُ: تفعيلٌ من الفَسْرِ، وأصلُ مادَّتِه اللُّغوية تدلُّ على بيانِ شيءٍ وإيضاحِه (١)، ولذا قيلَ: الفَسْرُ: كَشفُ المغطَّى (٢). وقيلَ: هو مأخوذٌ من قولِهم: فَسَرْتُ الحديثَ، أفسُرُهُ فَسْرًا؛ إذا بيَّنتُه

(١) مقاييس اللغة، لابن فارس، تحقيق: عبد السلام هارون (٤:٥٠٤). وقد زعم قوم أن «فَسَرَ» مقلوب من «سَفَرَ»، يقال: سَفَرَتْ المرأةُ سفورًا؛ إذا ألقت خمارها عن وجهها. (ينظر: مقدمتان في علوم القرآن: ١٧٣، البرهان في علوم القرآن: ٢:١٤٧، التيسير في قواعد علم التفسير: ١٣٢)، وهذا القولُ لم أجده في كتب اللغةِ التي رجعتُ إليها، وهو قولٌ غيرُ دقيقٍ؛ لأنَّ دعوى القلبِ تَحتاجُ إلى ما يَدلُّ على صحتِها من لغةِ العربِ، والقلبُ: تَغْيِيرُ ترتيبِ الكلمةِ الواحدةِ، والمعنى واحدٌ؛ مثلُ: جَذَبَ وجَبَذَ. وأَدَقُّ من دعوى القلبِ، ما قالَه الراغبُ الأصفهانيُّ: «الفَسْرُ والسَّفْرُ، يتقاربُ معناهُمَا كتقاربِ لفظيهما». جامع التفاسير، للراغب الأصفهاني، تحقيق: الدكتور أحمد حسن فرحات (ص:٤٧). (٢) قاله ابن الأعرابي. ينظر: تهذيب اللغة، للأزهري (١٢:٤٠٦).

1 / 19

وأوضحتُه. وفَسَّرْتُهُ تفسيرًا: كذلك (١). والأشهرُ في الاستعمالِ: فَسَّرَ تفسيرًا، بتشديدِ حرفِ السِّينِ في الماضي، وبه جاءَ القرآنُ، كما قالَ تعالى: ﴿وَلاَ يَاتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ [الفرقان: ٣٣]. قالَ مجاهد (ت:١٠٤) (٢) في تفسير هذه الآية: «﴿وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾: بيانًا» (٣). ومن الألفاظِ التي تُستخدمُ للدلالةِ على التَّفسيرِ، لفظُ التأويلِ ولفظُ المعنى. قالَ ابنُ الأعرابيِّ (ت:٢٣١) (٤): «التفسيرُ والتأويلُ والمعنى؛ واحدٌ» (٥). فإذا قال مفسِّرٌ: «معنى هذهِ الآيةِ كذا» (٦)، أو قال: «تأويلُ هذه

(١) جمهرةُ اللغةِ، لابنِ دريدٍ (٢:٧١٨)، وينظر في مادة (فسر) كتابَ العينِ، للخليل (٧:٢٤٦)، والمحيطَ في اللغةِ، لابنِ عبادٍ، تحقيق: محمد حسن آل ياسين (٨:٣١١). (٢) مجاهدُ بنُ جبرٍ، أبو الحجاجِ، المكيُّ، المفسِّرُ، من أشهرِ تلاميذِ ابنِ عباسٍ، وكان من أعلمِ التابعين وأكثرهم في التفسير، اخْتُلِفَ في وفاته ما بين سنة (١٠١) إلى (١٠٤)، وله ثلاثٌ وثمانونَ سنةً. ينظر: طبقات المفسرين، للداودي (٢:٣٠٥ - ٣٠٨)، معجم المفسرين، لعادل نويهض (٢:٤٦٢ - ٤٦٣). (٣) تفسير الطبري، ط: الحلبي (١٩:١٢). (٤) محمدُ بنُ زيادٍ الأعرابي، أبو عبدِ اللهِ، كان لغويًا نسَّابًا، من أحفظِ الكوفيين للُّغةِ، توفي سنة (٢٣١). ينظر: طبقات النحويين واللغويين، للزبيدي (١٩٥ - ١٩٧)، ومراتب النحويين، لأبي الطيب اللغوي (ص:١٤٧). (٥) تهذيب اللغة (١٢:٤٠٧). (٦) جاء في تاج العروسِ، مادة (عنى) ما نصه: «وعَنَى بالقولِ كذا؛ يعني: أرادَ وقَصَدَ» وفي مفردات ألفاظ القرآن، للراغب، تحقيق: صفوان داودي (ص:٥٩١): «المعنى: إظهارُ ما تضمنه اللفظُ، من قولهِم: عَنَتِ الأرضُ بالنباتِ: أَنْبَتَتْهُ حَسَنًا، وعَنَتِ القِرْبَةُ: أظهرتْ ماءَها ... والمعنى يقارنُ التفسيرَ، وإن كان بينهما فرقٌ». وينظر: عمدة الحفاظ، للسمين الحلبي، تحقيق: محمود الدغيم (ص:٣٨٧).

1 / 20

الآيةِ كذا» (١)؛ فإنَّ المرادَ بهاتينِ العبارتينِ: تفسيرُها. هذا، وقد استخدمَ إمامُ المفسِّرينَ ابنُ جريرٍ الطَّبريُّ (ت:٣٠٩) (٢) مصطلحَ التأويلِ بمعنى: التفسيرِ، في عنوانِ كتابِه: «جَامِعِ البَيَانِ عَنْ تَأوِيلِ آيِ القُرْآنِ»، كما أنه يُطلِقُ على أهلِ التَّفسيرِ: أهلَ التَّأويلِ، ويترجم لكل مقطعٍ من الآياتِ بقوله: «القول في تأويل قوله تعالى». التفسير اصطلاحًا: اختلفتْ عباراتُ المعرِّفينَ لمصطلحِ التفسيرِ، وكان فيها توسُّعٌ أو اختصارٌ، وممن عرَّفه: * ابن جُزَيّ (ت:٧٤١) (٣)، قالَ: «معنى التَّفسيرِ: شرحُ القرآنِ، وبيانُ معناه، والإفصاحُ بما يقتضيه بنصِّه أو إشارَتِه أو نجواه» (٤). * وعرَّفَهُ أبو حيان (ت:٧٤٥) (٥)، فقال: «التفسيرُ: علمٌ يُبحثُ فيه عن

(١) قال الفيروزُ آبادي في القاموس المحيط، مادة (أول) ما نَصُّهُ: «أَوَّلَ الكلامَ تأويلًا، وتأوَّلَه: دبَّره وقدَّره وفسَّره». (٢) محمدُ بنُ جريرٍ الطبري، أحدُ أئمةِ العلماءِ المجتهدين، يُحْكَمُ بقوله، ويُرْجَعُ إلى رأيه، لمعرفتِه وفضلِه، وكان قد جمعَ من العلومِ ما لم يشاركْه فيها أحدٌ من أهلِ عصرِهِ، وكتب في عدد من العلومِ؛ كالتفسيرِ والتاريخِ والقراءاتِ والفقهِ وأصولِ الفقهِ والحديثِ، توفي سنة (٣١٠). ينظر: تاريخَ بغداد (٢:١٦٢ - ١٦٩)، وطبقات المفسرين، للداودي (٢:١١٢). (٣) محمدُ بنُ أحمدَ بنُ جُزَي الكلبي، أبو القاسم، فقيهٌ مالكي، مشاركٌ في عدةِ علومٍ: الأصولِ والحديثِ والتفسيرِ، وله فيه كتابُ «التسهيلِ في علومِ التَّنْزيلِ»، توفي سنة (٧٤١). ينظر: الديباجَ المذهبَ (ص:٢٩٥)، ومعجمَ المفسرين (٢:٤٨١). (٤) التسهيل لعلوم التَّنْزيل، لابن جُزَي (١:٦). (٥) محمدُ بنُ يوسفَ بن علي بن حيان، أثير الدين، أبو حيان، النحوي، اللغوي، المفسر، له مشاركةٌ في عدَّةِ علومٍ، ومن كتبِه: «البحر المحيط» في التفسيرِ، و«تحفة الأديب بما في القرآن من الغريب»، توفي بالقاهرة بعد أن كُفَّ سنة (٧٤٥). ينظر: نكت الهميان، للصفدي (ص:٢٨٠)، ومعجم المفسرين (٢:٦٥٥).

1 / 21

كيفيةِ النطقِ بألفاظِ القرآن، ومدلولاتِها، وأحكامِها الإفراديَّةِ والتركيبيَّةِ، ومعانيها التي تُحمَلُ عليها حالَ التركيبِ، وتتماتُ ذلك. فقولنا: «علم»: هو جنسٌ يشملُ سائرَ العلومِ. وقولنا: «يُبحثُ فيه عن كيفيَّةِ النُّطقِ بألفاظِ القرآنِ»: هذا علمُ القراءاتِ. وقولنا: «ومدلولاتها»، أي: مدلولاتِ تلك الألفاظِ، وهذا علمُ اللُّغةِ الذي يُحْتاجُ إليه في هذا العلمِ. وقولنا: «وأحكامها الإفرادية والتَّركيبية»: هذا يشملُ علمَ التَّصريفِ، وعلمَ الإعرابِ، وعلمَ البيانِ، وعلمَ البديعِ. «ومعانيها التي تحمل عليها حال التَّركيب»: شملَ بقوله: «التي تحمل عليها»: ما لا دلالةَ عليه بالحقيقةِ، وما دلالته عليه بالمجازِ، فإنَّ التَّركيبَ قد يقتضي بظاهره شيئًا، ويصدُّ عن الحملِ على الظَّاهرِ صادٌّ، فيحتاج لأجل ذلك أن يُحملَ على غيرِ الظَّاهرِ، وهو المجازُ. وقولنا: «وتتمات ذلك»: هو معرفةُ النَّسخِ، وسببُ النُّزولِ، وقصةٌ توضِّحُ ما انبهمَ في القرآنِ، ونحوُ ذلك» (١). * وعرَّفه الزَّرْكَشِيُّ (ت:٧٩٤) (٢) في موضعينِ من كتابِه البرهانِ في علوم القرآن، فقالَ في الموضعِ الأوَّلِ: «علمٌ يُعرفُ به فَهْمُ كتابِ اللهِ المنَزَّلِ على نبيه محمدٍ ﷺ، وبيانُ معانيه، واستخراجُ أحكامِه وحِكَمِهِ» (٣).

(١) البحر المحيط، لأبي حيان (١:٢٦)، وقد نقله عنه - باختصارٍ - الكفويُّ في الكليات، تحقيق: عدنان درويش، ومحمد المصري (ص:٢٦٠). (٢) محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي، بدر الدين، كان فقيهًا أصوليًا أديبًا، له مشاركةٌ في الحديثِ والتفسيرِ. قال ابنُ حجر في الدرر الكامنة (٣:١٤٠): «ورأيتُ أنا بخطه من تصنيفه البرهانَ في علوم القرآن، من أعجب الكتب وأبدعها»، توفي سنة (٧٩٤). ينظر: إنباء الغمر (٣:١٤٠)، وشذرات الذهب (٦:٣٣٥). (٣) البرهان في علوم القرآن، للزركشي (١:١٣).

1 / 22

وعرَّفه في الموضعِ الثاني، فقال: «هو عِلْمُ نُزولِ الآيةِ وسورتِها وأقاصيصِها والإشاراتِ النَّازلةِ فيها، ثُمَّ ترتيبُ مكِّيِّها ومدنِّيها، ومحكمِها ومتشابِهها، وناسخِها ومنسوخِها، وخاصِّها وعامِّها، ومطلقِها ومقيدِها، ومجملِها ومفسرِها. وزادَ فيه قومٌ، فقالوا: علمُ حلالِها وحرامِها، ووعدِها ووعيدها، وأمرِها ونهيِها، وعِبَرِها وأمثالِها» (١). * وقال ابنُ عَرَفَةَ المالكي (ت:٨٠٣) (٢): «... هو العلمُ بمدلولِ القرآنِ وخاصِّيَةِ كيفيةِ دلالتِه، وأسبابِ النُّزولِ، والنَّاسخِ والمنسوخِ. فقولنا: خاصيةِ كيفيَّةِ دلالتِه: هي إعجازُه، ومعانيه البيانيَّةُ، وما فيه من علمِ البديعِ الذي يذكره الزَّمَخْشَرِيُّ (٣)، ومن نحا نحوه» (٤). * وقال الكَافِيجِيُّ (ت:٨٧٩) (٥): «وأمَّا التَّفسيرُ في العُرْفِ، فهو كشفُ معاني القرآنِ، وبيانُ المرادِ.

(١) البرهان في علوم القرآن، للزركشي (٢:١٤٨). (٢) محمد بن محمد بن عرفة الورغمي التونسي، المالكي، أبو عبد الله، تمهَّر في الفنون وأتقن المعقول، إلى أن صار إليه المرجع في بلاد المغرب، وعلق عنه بعض أصحابه كلامًا في التفسير، كثير الفوائد، في مجلدين، وكان يلتقطه في حال قراءتهم عليه، ويدوّنه أولًا فأولًا، وكلامه فيه دَالٌّ على توسع في الفنون وإتقان وتحقيق، وقد طُبع جزء من تفسيره برواية تلميذه أبي عبد الله محمد بن خلفة الأُبِّي، توفي ابن عرفة سنة (٨٠٣). ينظر: إنباء الغمر (٤:٣٣٦ - ٣٣٨)، وشذرات الذهب (٧:٣٨). (٣) محمود بن عمر الزمخشري، أبو القاسم، جار الله، إمام في اللغة والنحو والأدب، وكان معتزليًا مجاهرًا بذلك، وله في التفسير كتابه الشهير المعروف بالكشاف، توفي بقصبة خوارزم سنة (٥٣٨). ينظر: نزهة الألباء (ص:٢٩٠ - ٢٩٢)، ومعجم الأدباء (١٩:١٢٦ - ١٣٥). (٤) تفسير ابن عرفة، برواية الأبي (١:٥٩). (٥) محمد بن سليمان الرومي الحنفي، أبو عبد الله الكافيجي [لُقِّب بذلك لكثرة اشتغاله =

1 / 23

والمرادُ من معاني القرآنِ أعمُّ، سواءً كانت معاني لغويَّةً أو شرعيَّةً، وسواءً كانت بالوضعِ أو بمعونةِ المقامِ وسَوْقِ الكلامِ وبقرائنِ الأحوالِ؛ نحو: السَّماء والأرض والجنَّة والنَّار، وغير ذلك. ونحو: الأحكام الخمسة. ونحو: خواصِّ التَّركيب اللازمة له بوجه من الوجوه» (١). * وقال محمَّد الطَّاهر بن عاشور (ت:١٣٩٣) (٢): «التَّفسير ...: اسمٌ للعِلْمِ الباحثِ عن بيانِ معاني ألفاظِ القرآنِ، وما يستفاد منها، باختصارٍ أو توسعٍ» (٣). * وقال عبد العظيم الزُّرْقَانِيُّ: «علمٌ يُبحَثُ فيه عن القرآنِ الكريمِ من حيثُ دلالتُه على مرادِ اللهِ بقدرِ الطاقةِ البشريَّةِ» (٤). * وقال منَّاع القطَّان: «بيانُ كلامِ اللهِ المنَزلِ على محمدٍ ﷺ. فبيانُ كلامِ اللهِ - هذا المركَّبُ الإضافيُّ ـ: يُخرِجُ بيانُ كلامِ غيرِ اللهِ من الإنسِ والجنِّ والملائكةِ. والمنَزَّلُ: يُخرِجُ كلامَ اللهِ الذي استأثرَ به سبحانَه.

= بالكافية في النحو]، كان إمامًا في عدَّة علوم: الكلام والنحو واللغة والجدل وغيرها، وله اليد الحسنة في الفقه والحديث والتفسير، وله فيه: «التيسير في قواعد التفسير»، و«كشف النقاب للأصحاب والأحباب في إعجاز القرآن»، توفي سنة (٨٧٩). ينظر: بغية الوعاة، للسيوطي (١:١١٧ - ١١٨)، وشذرات الذهب، لابن العماد الحنبلي (٧:٣٢٦ - ٣٢٨). (١) التيسير في قواعد التفسير، للكافيجي (ص:١٢٤ - ١٢٥). (٢) محمد الطاهر بن عاشور، رئيس المفتين المالكيين في تونس، مفسر، لغوي، نحوي، أديب، له أبحاث ومشاركات أدبية وتحقيقات علمية نشرها في مجلات وكتب، وله في التفسير التحرير والتَّنْوير، توفي سنة (١٣٩٣). ينظر: معجم المفسرين (٢:٥٤١). (٣) التحرير والتنوير، للطاهر بن عاشور (١:١١)، وعنه نقل فاروق حمادة في كتابه: المدخل إلى علوم القرآن والتفسير (ص:٢١٢). (٤) مناهل العرفان، للزرقاني (٢:٣).

1 / 24