نور الإخلاص وظلمات إرادة الدنيا بعمل الآخرة في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
ثانيًا: أن يكون العمل لله ويشاركه الرياء من أصله - أي من أوّله إلى آخره - فالنصوص الصحيحة تدل على بُطلانه وحُبوطه أيضًا.
ثالثًا: أن يكون أصل العمل لله، ثم طرأت عليه نية الرياء أثناء العبادة، فهذه العبادة لا تخلو من حالين:
١ - أن لا يرتبط أوّل العبادة بآخرها، فأولها صحيح بكل حال، وآخرها باطل. مثل ذلك: إنسان عنده عشرون ريالًا يريد أن يتصدّق بها، فتصدق بعشرة خالصة لله، ثم طرأ عليه الرياء في العشرة الباقية، فالصدقة الأولى صحيحة مقبولة، والثانية صدقة باطلة لاختلاط الرياء فيها بالإخلاص.
٢ - أن يرتبط أوّل العبادة بآخرها، فلا يخلو الإنسان حينئذ من أمرين:
الأمر الأول: أن يكون هذا الرياء خاطرًا، ثم دفعه الإنسان ولم يسكن إليه، وأعرض عنه وكرهه، فإنه لا يضرّه بغير خلاف؛ لقول النبي ﷺ: «إن الله تجاوز لأمتي ما حدّثت به أنفسها ما لم يتكلَّموا أو يعملوا» (١).
الأمر الثاني: أن يسترسل معه الرياء ويطمئن إليه، ولا يُدافعه ويُحبّه، فتبطل جميع العبادة على الصحيح؛ لأن أولها مرتبط بآخرها، مثال ذلك من ابتدأ الصلاة مخلصًا بها لله تعالى، ثم طرأ عليه الرياء في الركعة الثانية واسترسل معه إلى نهاية صلاته، ولم يُدافعه، فتبطل الصلاة كلها لارتباط أولها بآخرها (٢).
_________
(١) مسلم، كتاب الإيمان، باب: تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر،
١/ ١١٦، برقم ١٢٧.
(٢) انظر: هذه الأقسام بالتفصيل في جامع العلوم والحكم لابن رجب، ١/ ٧٩ - ٨٤، وفتح المجيد، ص٤٣٨، وفتاوى ابن عثيمين، ٢/ ٢٩.
1 / 25