فاحذر هذا الباب الحذر كله!، فإنه ليس أحد أسوأ فيه حالًا من أهل السلطان الذين يفرطون باقتدارهم في غضبهم، وبتسرعهم في رضاهم، فإنه لو وصف بهذه الصفة من يلتبس بعقله، أو يتخبطه المسُّ١ أن يعاقب عند غضبه غير من أغضبه، ويحبو٢ عند رضاه غير من أرضاه، لكان جائزًا ذلك في صفته.
الملك ثلاثة:
أعلم أن الملك ثلاثة: ملك دين، وملك حزم، وملك هوىً.
فأما ملك الدين، فإنه إذا أقام للرعية دينهم، وكان دينهم هو الذي يعطيهم الذي لهم، ويلحق بهم الذي عليهم، أرضاهم ذلك، وأنزل الساخط منهم منزلة الراضي في الإقرار والتسليم.
وأما ملك الحزم، فإنه يقوم به الأمر، ولا يسلم من الطعن والتسخط٣، ولن يضر طعن الضعيف مع حزم القوي.
وأما ملك الهوى، فلعب ساعة، ودمار٤ دهر.
١ المسُّ: الجنون. ٢ يحبو: يعطي. ٣ التسخط، من تسخطه: لم يرضه، فتغضب عليه، وتكرهه. ٤ دمار: هلاك.
1 / 73