الأدب الصغير والأدب الكبير

ابن المقفع ت. 139 هجري
106

الأدب الصغير والأدب الكبير

الناشر

دار صادر

مكان النشر

بيروت

تصانيف

لا تدع، مع السكوت عن شتم عدوك، إحصاء مثالبه١ ومعايبه، واتباع عوارته، حتى لا يشذَّ عنك من ذلك صغير ولا كبير، من غير أن تشيع ذلك عليه، فيتقيك به، ويستعد له، أو تذكره في غير موضعه، فتكون كمستعرض الهواء بنبله قبل إمكان الرمي. ولا تتخذن اللعن والشتم على عدوك سلاحًا، فإنه لا يجرح في نفس، ولا منزلة، ولا مال، ولا دين. إن أردت أن تكون داهيًا ٢ فلا تحبَّن أن تسمي داهيًا. فإنه من عرف بالدهاء خاتل٣ علانية، وحذره الناس، حتى يمتنع منه الضعيف، ويتعرض له القوي. وإن من إرب٤ الأريب دفن إربه ما استطاع، حتى يعرف بالمسامحة في الخليقة، والاستقامة في الطريقة. ومن إربه ألا يؤارب العاقل المستقيم الطريقة، والذي يطَّلع على غامض إربه، فيمقته عليه. وإن أردت السلامة، فأشعر قلبك الهيبة للأمور، من غير أن تظهر منك الهيبة، فتفطن الناس بنفسك، وتجرئهم عليك،

١ المثالب: النقائص. ٢ من الدهاء، وهو جودة الرأي. ٣ خاتل: خادع. ٤ الإرب: الدهاء، والعقل. ٥ يؤارب: يخادع.

1 / 114