الحكم المشروع في الطلاق المجموع - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
محمد عزير شمس
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
قال الشافعي: "فإن كان معنى قول ابن عباس أن الثلاث كانت تُحسَب على عهد رسول الله ﵌، يعني أنه بأمر النبي".
أقول: هذا هو المتعين قطعًا؛ لأن هذا الجعل إنما يكون قضاءً أو إفتاءً، ولم يكن يقع القضاء والإفتاء في عهده ﵌ إلا منه، أو بأمره، أو بعلمه، إذ لا يجوز أن يكون وقع القضاء والإفتاء في هذا الحكم العظيم من أصحابه ﵌ باجتهادهم، ثم لا يبلغه ذلك، مع ما تُشعِر به الآثار من تكرر ذلك واستمراره.
وعلى فرض أنه كان يقع ذلك ولم يبلغه ــ وهو محالٌ عادةً ــ فكفى بتقرير الله ﷿ حجةً.
وفي "الصحيح" (^١) عن جابر: "كنا نَعزِل والقرآن ينزل، لو كان شيئًا يُنهَى عنه لنَهَى عنه القرآن".
وإذا كنا نحتج بتقرير النبي ﵌، فالاحتجاج بتقرير الله ﷿ أولى، فإن الوصلة كانت حينئذٍ موجودة بينه وبين عباده بوجود الوحي، فإذا لم يبين للناس خطأ ما يفعلونه حينئذٍ، فقد أقرهم عليه، ويوضح هذا قول الله ﷿: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ﴾.
وما تضافرت به الآثار أن النبي ﵌ كان يكره المسائل حتى قال: "إن أعظم المسلمين في المسلمين جرمًا من سأل عن شيءٍ لم يُحرَّم على الناس، فحُرِّم من أجل مسألته". رواه الشيخان (^٢) من حديث سعد بن أبي وقاص.
_________
(^١) البخاري (٥٢٠٨) ومسلم (١٤٤٠). والفقرة الأخيرة عند مسلم فقط.
(^٢) البخاري (٧٢٨٩) ومسلم (٢٣٥٨).
17 / 607