الحملة الأخيرة على القسطنطينية في العصر الأموي
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون العدد (١١٢) ١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م
تصانيف
كثيرًا في الحديث عن هزيمة المسلمين عند القسطنطينية وعن تحطم القوى الإسلامية أمام أسوارها بشكل ملفت للنظر، وحتى الإمدادات البحرية والبرية كان مصيرها الدمار والهلاك على أيدي القوات البيزنطية المظفرة؛ وذلك اعتمادًا على المراجع الغربية التي بالغت في هذا الجانب، وصورت الإمبراطور اليون بصورة بطولة خارقة ١، ولم ألاحظ في المصادر العربية القديمة أو المصادر التي تنقل عن شهود العيان صدى واضحًا لتلك الانتصارات أو الهزائم، فهي إذًا تنقل وجهة نظر طرف واحد، وهو منهج غير دقيق.
بل الذي يفهم مما روى ابن عساكر عن شاهد عيان كان مشاركًا في الحصار أن مسلمة لما قرأ كتاب عمر بن عبد العزيز الذي يأمره فيه بالعودة لم يستجب على الفور وإنما أعاد الرسول بكتاب إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز يخبره فيه بما بلغ من جهد المحاصَرين وما أشرف على المسلمين من الفرج بقرب موسم حصاد ما زرعوا حول المدينة، ويشير عليه بتركهم حتى يحكم الله تعالى بينهم ٢، وورد في رواية أخرى أن مسلمة دافع رسول عمر وقال: أقم علي أيامًا، فإني قد أشرفت على فتحها ٣، فالمشكلة التي كان يعاني منها المسلمون بالدرجة الأولى مشكلة قلة الأقوات في شتاء قارس البرودة، ولو كان هناك هزائم متتالية وتحطم أساطيل لتحدث عنها شهود العيان، فقد ذكروا أشياء أقل من ذلك أهمية.
ورأينا في روايات ابن عساكر كيف تمكنت قوات المسلمين التي يحتمل
_________
١ انظر مثلًا فرج، العلاقات بين الإمبراطورية البيزنطية والدولة الأموية ص ١٤٩-١٥١،١٥٩، ١٦١-١٦٢، وعمران، معالم تاريخ الإمبراطورية البيزنطية ص ٩٨.
٢ تاريخ دمشق ٦٨/٣٣١-٣٣٢.
٣ العيون والحدائق ص ٣٣.
1 / 461