الحملة الأخيرة على القسطنطينية في العصر الأموي
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون العدد (١١٢) ١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م
تصانيف
أخرج سليمان العطاء للجيش، وأنفق أموالًا كثيرة من الخزائن، وبين للناس غزوتهم وطولها، وأمرهم بتقوى الله، ومصابرة العدو، والتناصح والتناصف١.
أخذ مسلمة معه ما يحتاجه من مواد تساعده على إنجاح مهمته؛ من مؤن وأخشاب لإقامة بيوت تكنُّ المسلمين من شتاء القسطنطينية القارس٢.
هذا وقد جاء في رواية للواقدي ساقها كل من الذهبي٣ وابن كثير٤ أن سليمان قبل أن ينفذ الحملة استشار موسى بن نصير وأخاه مسلمة في أيِّهما يبدأ به أولًا القسطنطينية، أم ما دونها من البلاد حتى يصل إليها فيفتحها؟ فكان رأي موسى بن نصير أن يبدأ بما دونها حتى يصلها، سيرًا على سَنن الفاتحين الأولين، أما مسلمة فقد رأى أن يبدأ بالقسطنطينية أولاَ، وقد أعجب سليمان هذا الرأي فأخذ به. ويبدو أنهم كانوا على عجلة من أمرهم وإلا فإن رأي موسى كان أحكم وأصوب وأثبتت الأيام نجاحه وصوابه.
سير الحملة إلى القسطنطينية وضرب الحصار:
استدعى مسلمة بن عبد الملك بشرًا الغنوي الذي روى عن أبيه حديث رسول الله ﷺ وهو: “لتفتحن القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش”، قال: فدعاني مسلمة بن عبد الملك، فحدثته، فغزاها٥. وكان هذا بعد أن تكامل إعداد الحملة وتجهيزها في سنة
_________
١ الذهبي، تاريخ الإسلام (٨١-١٠٠) ص ٢٧٠، وابن كثير، البداية والنهاية ٩/١٧٥، وابن دقماق، الجوهر الثمين ص ٧٠.
٢ انظر طقوش، تاريخ الدولة الأموية ص ١٣١.
٣ تاريخ الإسلام (٨١-١٠٠) ص ٢٧٠، وسير أعلام النبلاء ٤/٥٠١.
٤ البداية والنهاية ٩/١٧٤-١٧٥.
٥ البخاري، التاريخ الكبير ٢/٨١، ابن عبد البر، الاستيعاب ٨/١٧٠، وقال إسناده حسن، وانظر تاريخ دمشق ٥٨/٣٤-٣٥.
1 / 439