196

الاختيارات الفقهية للشيخ عبيد الله المباركفوري كتاب الصيام والاعتكاف

تصانيف

الدليل الثالث: عن عائشة ﵂ أن حمزة بن عمرو الأَسْلمي (١) ﵁ قال للنبي ﷺ: أصوم في السفر؟ - وكان كثير الصيام -، قال: «إن شئت فصم وإن شئت فأفطر» (٢).
وجه الاستدلال: أن هذا الحديث نص في إثبات الخيار للمسافر في الصوم والإفطار (٣).
وفيه دليل على جواز صيام الفرض والنفل في السفر؛ لأن سؤال حمزة بن عمرو ﵁ عام، فإذا خرج الجواب مطلقا حمل على عمومه، ولا يُخص صوم دون صوم إلا بدليل (٤).
الدليل الرابع: وعنه ﵁ أيضا قال: يا رسول الله، أجد بي قوة على الصيام في السفر، فهل عليَّ جُناح (٥)؟ فقال رسول الله ﷺ: «هي (رخصة) (٦) من الله، فمن أخذ بها، فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه» (٧).
وجه الاستدلال: أن النبي ﷺ جعل الفطر في السفر رخصة، وهذا يُشعِر بأن حمزة ﵁ سأل عن صيام الفريضة؛ وذلك إن الرخصة إنما تطلق في مقابلة ما هو واجب (٨).
الدليل الخامس: وعنه ﵁ أيضا، قال: يا رسول الله، إني صاحب ظَهْر (٩) أُعَالِجه (١٠) أسافر عليه، وأكريه، وإنه ربما صادفني هذا الشهر يعني رمضان، وأنا أجد القوة، وأنا شاب، وأجد

(١) هو: حمزة بن عمرو بن عُوَيْمر بن الحارث الأسلمي المدني، صحابي روى عن: أبي بكر، وعمر، وعنه: ابنه محمد، وعائشة أم المؤمنين، وغيرهما. هو الذي بشر كعب بن مالك بتوبة الله عليه، توفي سنة ٦١ هـ. ينظر: الطبقات الكبرى ٤/ ٣١٥، معرفة الصحابة ٢/ ٦٨٠، تاريخ الإسلام ٢/ ٦٣٩.
(٢) متفق عليه: رواه البخاري ٣/ ٣٣ رقم ١٩٤٣، كتاب الصيام، باب الصوم في السفر والإفطار، واللفظ له، ومسلم ٢/ ٧٨٩ رقم ١١٢١، كتاب الصيام، باب التخيير في الصوم والفطر في السفر.
(٣) ينظر: عون المعبود ٧/ ٢٩.
(٤) ينظر: المنتقى للباجي ٢/ ٥٠.
(٥) الجُناح: أي الإثم والتضييق. ينظر: مشارق الأنوار ١/ ١٥٥، ومعجم لغة الفقهاء ١/ ١٦٧.
(٦) الرخصة في اللغة: هي اليسر والسهولة، وفي الشرع: صرف الأمر من عسر إلى يسر بسبب عذر في المكلف. ينظر: أصول الشاشي ص ٣٨٥.، ومعجم مقاييس اللغة ٢/ ٥٠٠.
(٧) رواه مسلم ٢/ ٧٩٠ رقم ١١٢١، كتاب الصيام، باب التخيير في الصوم والفطر في السفر.
(٨) ينظر: فتح الباري ٤/ ١٨٠، وعمدة القاري ١١/ ٤٥.
(٩) الظَهْر: الإبل التي يحمل عليها ويركب. ينظر: النهاية ٣/ ١٦٦، لسان العرب ٤/ ٥٢٢.
(١٠) أُعَالجه: أي: أزاوله، وأمارسه وأكاري عليه. النهاية ٣/ ٢٨٦، تاج العروس ٦/ ١٠٨.

1 / 196