الدليل الأول: قوله ﷺ: «لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل» (١).
وجه الاستدلال: لأنه اعتبر تبييت (جِنْس) (٢) الصيام في جنس الليل، فكل يوم من الصيام يُبَيَّت في جنس من الليل، فوجب أن يُبَيَّت بما يُبَيَّت به اليوم الأول (٣).
الدليل الثاني: ولأن المعنى الذي وجبت النية من أجله في اليوم الأول، موجود في اليوم الثاني، وما يليه إلى آخر الشهر؛ وهو: أنه صوم يوم واجب، فوجب أن يكون من شرطه تَقَدُّم النية من ليلته؛ كاليوم الأول (٤).
الدليل الثالث: ولأنها عبادة تؤدى وتقضى، فوجب أن يكون عدد النية في أدائها كعدد النية في قضائها (٥).
الدليل الرابع: ولأنه انتقال من فطر إلى صوم، فوجب أن يكون من شرطه نية تخصه (٦).
الدليل الخامس: ولأن كل ما يجب في صيام القضاء كان واجبا من باب أولى في صيام الأداء (٧).
الدليل السادس: ولأن كل يوم من رمضان عبادة مستقلة لا يفسد بعضها بفساد بعض، ويتخللها الأكل والشرب والجماع في لياليها، -وهو ينافي الصيام-، فوجب أن يكون لكل يوم نية مستقلة كالقضاء (٨).
أدلة القول الثاني القائلين: تجزئ نية واحدة من أول الشهر عن جميع أيام شهر رمضان.
الدليل الأول: قوله ﷾: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ (٩).
(١) سبق تخريجه صفحة (١٥١).
(٢) الجِنْس: أعم من النوع، ومنه المجانسة والتجنيس، وهو كل ضرب من الشيء، فالناس جنس، والإبل جنس، وهكذا. ينظر: مقاييس اللغة ١/ ٤٨٦، تاج العروس ١٥/ ٥١٥.
(٣) ينظر: الحاوي الكبير ٣/ ٤٠٢.
(٤) ينظر: المصدر السابق.
(٥) ينظر: الحاوي الكبير ٣/ ٤٠٢، المغني ٣/ ١١١.
(٦) ينظر: الحاوي الكبير ٣/ ٤٠٢.
(٧) ينظر: المصدر السابق.
(٨) ينظر: المغني ٣/ ١١١، وفتح القدير للكمال ٢/ ٣٦٦، والبناية ٤/ ٩٥، والمهذب ١/ ٣٣١.
(٩) سورة البقرة: آية: ١٨٥.
1 / 156