أما أهل السنّة فالمصدر الأول في التلقي عندهم هو كتاب الله، وقد أجمعوا على حفظ الله له من النقص والزيادة والتحريف على ما هو صريح قول الله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (١) - وسيأتي لهذا تفصيل - وسلكوا في تفسير كتاب الله المسلك الشرعي وابتعدوا عن التأويلات البعيدة.. والتكلفات الغريبة على ما لا تسيغه بلاغة القرآن وأسرار الشريعة ولغة العرب.
وقالوا: (وأحسن الطرق في التفسير تفسير القرآن بالقرآن، وإلا فبالسنّة، وإلا فبالصحيح من أقوال الصحابة، وإلا فبما أجمع التابعون عليه) (٢) .
وحذروا من قبول المرويات الضعيفة في التفسير فقالوا: (يجب الحذر من الضعيف والموضوع فإنه كثير) (٣) . (والمنقولات التي يحتاج إليها في الدين قد نصب الله الأدلة على بيان ما فيها من صحيح وغيره) (٤) .
والمصدر الثاني «السنّة»، وهي المبينة للكتاب؛ إذ هي سنّة المعصوم رسول الله ﷺ وليس لأحد عصمة بعده ﷺ.
وقد تلقى الصحابة رضوان الله عليهم ما جاء به ﷺ ونقلوه إلى الأمة.
ويتمثل وجود السنّة في دواوين الإسلام المعروفة والمشهورة مثل صحيح البخاري ومسلم وكتب السنن كسنن أبي داود والترمذي
_________
(١) الحجر: آية ٩.
(٢) راجع في هذا الموضوع مقدمة التفسير لابن تيمية في «الفتاوى»: (١٣/٣٦٣) وما بعدها.
(٣) انظر الزركشي، «البرهان»: (٢/١٥٦) .
(٤) ابن تيمية «الفتاوى»: (١٣/٣٤٦) .
1 / 51