البصيرة في الدعوة إلى الله
الناشر
دار الإمام مالك
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٦هـ - ٢٠٠٥م
مكان النشر
أبو ظبي
تصانيف
العبارة، وهو منهج أكده الإسلام، وأرشد إليه، ونبه على ضده، فعن ابن مسعود ﵁، أنه كان يُذكِّر كل خميس، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، إنا نحب حديثك، ونشتهيه، ولوددنا أنك حدثتنا كل يوم، فقال: ما يمنعني أن أحدثكم إلا كراهية أن أُمِلَّكم، إن رسول الله ﷺ «كان يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة علينا» (١) .
وعن ابن مسعود ﵁، قال: حدِّثِ الناسَ ما أقبلت عليك قلوبهم، إذا حدقوك بأبصارهم، وإذا انصرفت عنك قلوبهم، فلا تحدثهم، وذلك إذا اتكأ بعضهم على بعض.
وعن ابن عباس ﵄، قال: حدث الناس كل جمعة مرة، فإن أكثرت فمرتين، فإن أكثرت فثلاثا، ولا تمل الناس من هذا القرآن، ولا تأت القوم وهم في حديث فتقطع عليهم حديثهم.
وقال: أنصت، فإذا أمروك فحدثهم وهم يشتهونه، وإياك والسجع في الدعاء، فإني عهدت رسول الله ﷺ وأصحابه لا يفعلونه.
وعن عمر بن الخطاب ﵁، أنه كان يقول على المنبر: أيها الناس، لا تبغضوا الله إلى عباده، فقيل: كيف ذاك أصلحك الله؟ قال: يجلس أحدكم قاصا، فيطول على الناس، حتى يبغض إليهم ما هم فيه، ويقوم أحدكم إماما، فيطول على الناس حتى يبغض إليهم ما هم فيه.
وقالت عائشة ﵂ لعبيد بن عمير: إياك وإملال الناس وتقنيطهم، وكانت تقول له: إذا وعظت فأوجز.
[الصورة الثانية التنويع فيها]
٢ - الصورة الثانية التنويع فيها: فكثير من الدعاة يركز على جانب واحد في الوعظ، أو نوع واحد من الحديث، أو موضوع واحد يكرره في كل مواقفه الدعوية، لا يكاد يتخلف
(١) أخرجه: البخاري (١ / ١٦٣)، ومسلم (١٧ / ١٦٤) .
1 / 111