149

أثر القراءات القرآنية في الصناعة المعجمية تاج العروس نموذجا

الناشر

رسالة دكتوراه بإشراف الأستاذ الدكتور رجب عبد الجواد إبراهيم-قسم اللغة العربية-كلية الآداب

مكان النشر

جامعة حلوان

تصانيف

وقد علل ابن جني لبناء الفعل هنا للمفعول فقال: "فإن قيل: فما معنى هذا التطاول والإبعاد في اللفظ؟، ولم يقل: "بُهِتَ"، وإبراهيم ﵇ هو الباهت؟!. قيل: إن الفعل إذا بني للمفعول لم يلزم أن يكون ذلك للجهل بالفاعل بل ليعلم أن الفعل قد وقع به، فيكون المعنى هذا لا ذكر الفاعل. لا ترى إلى قوله تعالى: ﴿وخلق الإنسان ضعيفا﴾ (١)، وقوله: ﴿خلق الإنسان من عجل﴾ (٢)، وهذا مع قوله ﷿: ﴿ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه﴾ (٣)، وقال سبحانه: ﴿خلق الإنسان من علق﴾ (٤) فالغرض في نحو هذا المعروف الفاعل إذا بني للمفعول إنما هو الاخبار عن وقوع الفعل به حسب، وليس الغرض فيه ذكر من أوقعه به" (٥). • (يُغَلَّ): قراءة في قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ﴾ (٦). [التاج: غلل] اعتمد الزبيدي على قراءات الآية السابقة اعتمادا كليا في شرحه للمدخلين (أَغَلَّ) و(غَلَّ). ومن المدخل (غَلَّ) تتفرع مداخل تتغاير معانيها على النحو التالي: أَغَلَّ يُغِلُّ إِغْلالًا، وحَقْلُهُ الدَّلالي الخِيَانَةُ مطلقًا. وغَلَّ يَغِلُّ غِلًَّا، وحَقْلُهُ الدَّلالي الحِقْدُ. وغَلَّ يَغُلُّ غُلُولًا، وحَقْلُهُ الدَّلالي الخِيَانَةُ في المَغْنَمِ خَاصَّةً. قال ابن السِّكِّيت: "لم نسمعْ في المَغنَمِ إلاّ غَلَّ غُلولًا" (٧). وقال أبو عُبَيْدٍ: "الغُلول من المَغنَمِ خاصّةً، ولا نراه من الخيانةِ، ولا من الحِقدِ، وممّا يُبيِّنُ ذلك أنّه يقال من الخيانة: أَغَلَّ يُغِلُّ، ومن الحِقد: غَلَّ يَغِلُّ بالكَسْر، ومن الغُلول: غَلَّ يَغُلُّ بالضَّمّ". وفي قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ﴾ قراءتان: إحداها: ﴿يَغُلَّ﴾ (٨) من الثلاثي المبني للمعلوم. والأخرى: "يُغَلَّ" (٩) من (أُغِلَّ) الرباعي المبني للمفعول (١٠).

(١) النساء: ٢٨. (٢) الأنبياء: ٣٧. (٣) سورة ق: ١٦. (٤) العلق: ٢. (٥) المحتسب: ١/ ١٣٥. (٦) آل عمران: ١٦١. (٧) انظر إصلاح المنطق: ٨٦. (٨) هي قراءةُ ابنِ كَثيرٍ، وأبي عمروٍ، وعاصمٍ، وَرَوْحٍ، وَزَيْدٍ. انظر: معاني القراءات لأبي منصور الأزهري: ١١٢، والإتحاف للدمياطي: ٢٣١. (٩) قراءة عبد الله بن مسعود، انظر: التيسير لأبي عمرو:٧٠، ومعجم القراءات لمختار: ١/ ٤٥٧. (١٠) انظر: معاني القرآن للفراء: ١/ ٢٤٦، والحجة لابن خالويه: ١١٥، والحجة لابن زنجلة: ١٧٩، والدر المصون للسمين: ٤/ ٢٣٠.

1 / 152