التفسير المنير - الزحيلي
الناشر
دار الفكر (دمشق - سورية)
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١١ هـ - ١٩٩١ م
مكان النشر
دار الفكر المعاصر (بيروت - لبنان)
تصانيف
فقيل: إنه سمع كلاما ليس بحروف وأصوات، وليس فيه تقطيع ولا نفس، فحينئذ علم أن ذلك ليس هو كلام البشر، وإنما هو كلام رب العالمين.
وقيل: إنه لما سمع كلاما لا من جهة، وكلام البشر يسمع من جهة من الجهات الست، علم أنه ليس من كلام البشر.
وقيل: إنه صار جسده كله مسامع حتى سمع بها ذلك الكلام، فعلم أنه كلام الله.
وقيل فيه: إن المعجزة دلت على أن ما سمعه هو كلام الله، وذلك أنه قيل له: ألق عصاك، فألقاها فصارت ثعبانا، فكان ذلك دليلا على صدق الحال، وأن الذي يقول له: ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ﴾ [طه ١٢/ ٢٠] هو الله جل وعز (^١).
وسبب نزول الآية (٧٦):
هو ما قاله مجاهد: قام النّبي ﷺ يوم قريظة تحت حصونهم، فقال: يا إخوان القردة، ويا إخوان الخنازير، ويا عبدة الطاغوت، فقالوا: من أخبر بهذا محمدا، ما خرج هذا إلا منكم، أتحدثونهم بما فتح الله عليكم، ليكون لهم حجة عليكم، فنزلت الآية.
وقال ابن عباس: كانوا إذا لقوا الذين آمنوا قالوا: آمنا أن صاحبكم رسول الله، ولكنه إليكم خاصة. ﴿وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا﴾: أيحدث العرب بهذا، فإنكم كنتم تستفتحون به عليهم، فكان منهم، فأنزل الله: ﴿وَإِذا لَقُوا﴾ الآية.
وقال السدي: نزلت في ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا، وكانوا يأتون المؤمنين من العرب، بما تحدثوا به، فقال بعضهم: ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ﴾
(^١) تفسير القرطبي: ٢/ ٢
1 / 197